الأدب
فرع القصة القصيرة
الإسم/فاروق حمدي فرغلي محمد
الشهرة/فاروق حمدي
الدولة/مصـــر
01003811269
الجلسة سرية
وبعد صبرٍ طويل إمتدَّ طيلة خمسة أعوام تنتظر نادية الأمل الذي ترجوهُ كُلّ فتاةٍ أن تُصْبِحَ أُمَاً لطفلٍ يَمْلَأُ حياتها وأركان شَقَّتِهَا الصغيرةِ دِفْئَاً وحياه، الحُلم الذي طَالَمَا راودها في منامِهَا ويَقْظتُهَاُ، وفي أحدِ الأيام وبينما هي مستلقية علي ظهرها من عناءِ اليوم، وبعد إعداد الطعامِ يَحْضُر (خالد )إلي شقتهِ بعد عناءِ يومٍ طويلٍ حَيْثُ يعمل في إحدي شركات السياحة، ويتوجه الزوج إلي الحمام بعدما وضع قُبْلَةً علي جبينِ زوجتهِ مُبْتَسِمَةٌ لهُ، وإذ بالهاتف المحمول يصدر نغمات المُتّصِلْ لتدنوا (نادية) من هاتف زوجها فتجد أحرفاً هِجَائيةً غير موضَّحَةٍ فتنظر يُمْني ويُسْرَا مرةً تجاه الحمام ومرةً علي شاشة الهاتف لتقرر الضغط علي زرِّ الرد صامتةً لتسمع علي الجانب الآخر صوت امرأة تستنجد قائلةً: ( إتأخرت ليه ياخالد .. نسيت وعدك إنك تخرجني أنا وإبننا أحمد ياللا بسرعة ياحبيبي مستنياك .. الو الو !!! ) ليقع الهاتف من يد نادية وقد تملكتها حالة غريبة من الصمت والدهشة والتعجب، وإذ بالزوج يَحْنُوا بيديه علي كتفها فتفزع مرتعشةً تَحْدُقُ في عينيهِ قائلة: طلقني ..
وقبل أن يفيق الزوج من دهشته أطلقت نادية لقدميهَا العنان وانطلقت كالريح إلي بيت أبيها في حالةٍ من الحزنِ الشديدِ يدور في رَأْسِهَا ذكريات جميلة قضتها مع زوجهَا تمرُّ كشريط سينمائيٍّ، أمام عينيهَا، ووعود زائفة، ثم الإتصال الهاتفيّ من زوجته الثانية لتتذكر تغيُّبهِ المتعدد بحجة مبيتهِ في العمل وما أن وصلت بيتها فترتمي في أحضان والدتها منهارة، وبعد محاولات عِدَّةٍ لتهدئتهَا من كلا الوالدين تُقرر (نادية) التوجه إلي مُحاميها، وما أن علم الزوج بدعوي الطلاق المقدَّمَةُ ضدهِ من زوجتهِ حتي هَمَّ مُسْرِعَاً باتخاذ إجراءاته القانونية لعدم تنفيذ رغبتها والتمسكَ بِهَا .. وبعد أشهر قلائل وفي يوم الجلسة المُعْلَنَةِ يقف كلاً من الزوجين في هيئة القضاء ينوب عنهما حديثاً كلاً من المحاميان يترافع المدَّعِي إلي استحالة العِشْرَة وعدم رغبة موكلته بالإستمرارية مع الزوج مُعَلِلاً ذلك بعدم الإنفاق عليهَا، وبمرافعة الآخر للمُدَّعِي عليهِ ينفي ماجاء علي لسان زميله وان الزوج ميسور الحال ولم يسبق لزوجته الشكوي وبشهادة الجميع وعليه فقد انتفي ماجاءت به المُدَّعية من أسباب لطلاقِهَا، ثم مايلبث القاضي إلَّا أن توجه بنظراته للزوجة قائلاً: أنتِ نادية محمد عبد السلام لتجاوبه نعم سيادة القاضي أنا ليُعَرِّضَ سؤالهِ هل لكِ أسباب تقتنع بها هيئة المحكمة وتأخذ بها فتصمت .. ليعاود القاضي سؤاله أعيد هَلْ لديكِ أسباب للطلاق تأخذ بها وتقتنع هيئة المحكمة، لتجاوبه فقط أريد حريتي! معاوداً لكن لابد من ذكر سبب يستحيل معه العشرة لتنظر (نادية) في حزن عميق في عين (خالد) قائلة لا أودُّ تجريحه فقط أتمسك برغبتي في الإنفصال ! ليلتفت القاضي الرحيم تجاه الزوج أنتَ خالد عبدالله حسين مجاوباً نعم سيادة القاضي أنا، سائلاً إيَّاهُ زوجتك ترغب في الطلاق منك ليجاوبه (خالد) لكني متمسكٌ بِهَا واُحِبُّهَا حُبَّاً جَمَّا، سَلْهَا سيادة القاضي هلْ قَصّرتُ يوماً معها حتي تطلب الإنفصال ثم يلتفتُ مُحْدِقَاً في عينيهَا وبنبرةٍ حزينةٍ لِمَا ؟! وبصوتٍ خافتٍ لم أبخل عليكِ يوماً بمشاعِري وحُبِّي دائماً ماكنتُ لكِ الأب والصديق والحبيب، ثم ليلتفت وبنبرةٍ قاسيةٍ سَلْهَا سيادة القاضي هَلْ حُرمت مِنْ شئ طوال الخمسة أعوام السابقة هل اشتهت شيئا لم يُلبي في الحال خمس سنوات كنتُ لهَا نعم الزوج والرفيق وبصوتٍ متوجع وبرغم أن لي بيتا آخر وأطفال من غيرهَا إلَّا أنني لم أعطِ غيرهَا من المودة والرحمة ما أعطيته إيَّاهَا، كانت ولازالت المفضلة في كل شئ رغم عدم توفيق الله لنا بالإنجاب لم أحْنَوا علي غيرها مثل ماكان لهَا مني، وبصوت خافت مُدْمِعَةً عَيْنَاهُ لم أرتمي إلّا في أحضانُكِ أنتِ لأبُثَّ مافي نفسي من سعادة أو حزن، علَّ خطأي الوحيد أنني لم أعلمها أنني تزوجتُ من أخري لكنني كنتُ عازما أن أصارحها في الوقت المناسب لتدمع عينا (نادية) مُنْهَارةً وحتي يُجْلِسُهَا الموكَّلُ عَنْهَا وسط تمْتمات الحضور داخل القاعة ..
ليعاود القاضي سؤالهَا هَلْ ماذكره زوجك صحيح؟ فتومأ برأسِهَا بالموافقة ثم ليكرر سؤاله ماجاء علي لسان زوجك صحيح؟ لتجاوبه نعم صحيح، قائلاً: إذا لامشكلة.! ليطلب المحامي الموكَّل من جانبها الإلتماس من هيئة المحكمةِ بانعقادِ الجلسةِ سرية لتدخل أم الزوج قاعة المحكمة متهمة (نادية) بنكران الجميل وعدم الوفاء، ليطرق القاضي علي المنصة طالباً ضرورة ذكر السبب للطلاق وإلّا ألغيت الدعوة المقدَّمة من قبلها ، وإذ بها ترفع رأسها محاولة التثبت، وكأنَّ عقارب الساعة توقفت عند هذا الحدث ناظرةً لزوجها وسط صمت الجميع قائلةً: ” أنا لازلتُ بِكْرَا ” !!!
ليطأطأ (خالد) رأسه وسط أحاديث جانبية يلتفت كل للآخر، ليطرق القاضي علي المنصة، مُعْلِنَاً: “حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدعوة المُقدَّمَةِ من الزوجة “
رُفِعَتْ الجلسة.