ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : القلعة والأفندي . مسابقة القصة القصيرة بقلم / محمد أبو زيد محمد . مصر

خاص بمسابقة القصة القصيرة

رابط الحساب الشخصي 🙁 https://www.facebook.com/profile.php?id=100070066789257 )

• اسم القصة : (القلعة والأفندي) .

• الأسم | محمد أبوزيد محمد | مصر .

رقم التواصل : 01007788624 .

العربة الكارو إحدى سمات حـيِّـنا القديم، جزء من صورته ولا تتجزأ منه، تُحمل عليها البضائع، ويتخذها الناس ((رُكوبة)) في قضاء حوائجهم، تشارك طقوسهم في الزفاف و نقل المتاع إلى عُش الزوجية، ونقل المعازيم، حتى في المعارك الملحمية بين الأحياء الشعبية، تنقل الخصوم حتى يتقابلا بميدان المعركة، أما أنا فكنت اتخذها في كل هذه الحالات،أرقد في أسفل العربة من الخلف، مستريحًا إلى جوار حشيش الحمار، حين يأتي المساء، مرقد نومي ، ولهذه الجلسة فوائد عندي، فقد كنت في أي موضع تحلّ فيه العربات أسمع ما يدور من أحاديث سواء كانت ما يتوعده الراكبين للخصوم، أو غناء النساء في العرس التي يتخللها بعض النميمة في بعض تفاصيل الزيجة، وأخرى ما يخضونه الفتايات من تساؤلات عما يدور في تلك الليلة وهم يتمايلون بالضحك، وآخرين يتناقلون بضاعاتهم من السوق إلى منازلهم، في ذات مرة سمعت في زفاف ابنة الحاج اسماعيل المزين ووسط الغناء، انفردت أمراتان بالحديث عن الفتاة التي لم تمكث في زيجة إلا وقد طُلقت بعد أشهر،وصارتان تعدان على أصابعهما زيجاتها حتى شاركتهما الثالثة بأن زينات بنت المزين لم تكن بكرًا،ولم يخبرا أبويها كل عريس يأتي لطلبها، وعندما يعلم ما وقع فيه وغفل من أمره، فيطلقها وفي كل مرة يتنازلا عن حقوقها حتى لا يفتضح الأمر وتقول أمها بهتانا تارة أنه ” عمل معمول ، أو البيه مابيعرفش” وتتسع دائرة الحديث، وكل منهنَّ تنقل ماسمعته من السوق أو مجالس السَمر، كل امرأة منهن تحكي ما سمعت، لم يفكرنَّ للحظة أن زينات ابنة اثنى عشر عام لم تُطق الزواج لصغر سنها،وجُرح أصبح عاهة مستديمة، أحدثته أم صبحي الداية أثناء ختانها، وعندما توقفت العربة،نزلت النساء يزفونها بالغناء والزغاريد والمباركات

لم أنس عركات أولاد برعي،التى كانت بمثابة فيلم سينمائي وهم أحد أبطاله ، وبمجرد علمي بقيامها أركن إلى تجمع الرجال،ثم يستقلون العربة أذهب معهم، وذات مرة حدثت مُشادة بين ابن برعي وأحد الباعة في السوق القديم، وقد ساق الخبر إلى أعمامه وأخواله أحد المارين في السوق، وقال إن عويس تعارك مع ابنهم، ولطمه لأنه غازل إحدى زبائنه، فكان الأمر عظيم عند برعي وإخوته كيف يجرؤ على فعل هذا، فتجمع الرجال “بالشوم”، يتوّعدون صاحبنا بالهلاك، ومن التو انصرفت معهم، خلف العربة وقد تلاحق وراء العربات أقراني من الصبيان لمشاهدة هذه اللحظة الراهنة، وحينما وصلنا، نزلت حتى لا يُصيبني مكروه، وأختبأت وراء أقفاص الفاكهة، وقامت العركة.

وبعد أيام من هذه المعركة التي تبدوا انتهت لكنها نار خامدة تحت الرماد، نقل محمود العربجي زائراً أفندي من باب الحديد إلى شقة،اتخذها الأفندي هذا في القلعة، تخرج في جامعة فؤاد الأول وعمل في المدرسة الثانوية مدرسًا للتاريخ، هذا ما علمته في حديثه مع محمود العربجي، فساق إليه محمود بعض التحذيرات ملخصها أن يعيش في حاله،وأن يتجنب أولاد برعي بالخصوص، فسأله عن أي بيت سيسكنه، فأخبره الأفندي في بيت إسماعيل المزين، فحذره ألا يقع في المحظور، ويزوجه ابنته زينات وحكى له من أمره المتداول، لكنه سكت دون تعليق ،ومرت الأيام على مكوث الأفندي بيننا وقامت عركة أولاد برعي مرة أخرى على خلفية ماحدث، فما زالت نيران الفنتة لم تخمد، ونظر من المشربية مبتئس مما تردح به النساء لبعضهن من تهم في حق زوجة البائع، واتهمنَ أخواتها بالعهر فهم تربية بيت واحد والجدر يمد لسابع جد، وأنا مختبئ وراء باب البيت، إذ أمسك كتفي الأفندي وقال

– ألا تخشى أن يصيبك أذى، تعال معي بعيداً

– ‏فصعدت معه، وقد أخبرته بالأمر على حقيقته، فنزل ليحاول أن يفض هذا العبث،وشدد علي بعدم اللحاق به، وأغلق الباب، أما عني فتجولت بين أركان غرفته المكتظة بالكتب القديمة، لكن لم أعرف أقرأ حرفاً واحداً، وبعد حين من الوقت صعد والدماء تسيل من رأسه،فـأسرعت، وأتيته بالبن،وسدَّ بها الجرح،وتوقف الدماء،عاتبته لعدم سماعه كلام محمود العربجي، فاندهش وتساءل عن سماعي لى الحديث بينهم فلم يكن أحد معهم فذكرت له أمري عن ذلك،فأمرني ألا أغادر، وقد تعهد بتعليمى، وفي المساء كنت أحكي له عما كنت أسمعه في رحلاتي اليومية،وشأن أهل الحارة وإسماعيل المزين وابنته وشأن النسوة اللاتي كان يتحدثن فيما لحق بزينات، وسألني هل تصدق كل هذا؟

– ‏‏- لا أعرف،لكني لم أنقله إلى أحد سواك

– ‏‏- أتعرف ما هو أجهل الجهل؟

– ‏‏- لا

– ‏‏- ربما تكون لا تقرأ، ولا تكتب، لكن أجهل الجهل أن تصدق ما يساق إليك من خبر دون أن إعمال عقلك فيه ..

– ‏‏- كيف؟

– ‏فسرد لي مثلا من الاثر لم أنساه، أن رجلاً عجوزاً لا أحد يعرف من أين ينفق على نفسه، فمات الرجل،وظل الناس في شغف من أمره، فتناقلت الحكايات، ومن أغرب ما قيل إنه عندما يحل المساء يأخذ عشب فيرجع شباب،ويكون قادر على تسلق البيوت والأسوار، فيسرقها ويعود كما كان قبيل الفجر، وسطرها البعض كأسطورة، وعندما أتى بعض الناس،بحثوا في الأمر، وكان أحدهم على علم بالأعشاب والنباتات، فقال في نفسه لا يوجد في عالم النبات هذا العشب، فبحث في هذا الأمر، وظل يجمع الخيوط المتشابكة، واتضح أن اللص نفسه هو من فعل هذا لكي ينصرف عنه الناس حتى مات، وعندما حاول إظهار الحقيقة لم يصدقه أحد لأنهم سمعوا عن آبآئهم، وفي نظرهم لايخطئون، وهذا كان أجهل الجهل والضباب الأسود الذي يحيل بين الخبر وإعمال العقل فيه، حينها علمت أن أهل الحي لن يُفيد معهم أي شئ فقد حل على عقول النسوة اللاتي اتهمن زينات بالعهر، أنهم ورثوا ما يحدث في شأن زينات لا بديل سوى العهر رغم صغر سنها، ومن ساق خبر زوجة البائع لم ينل من زوجته ما أراد فخاف أن تفضحه فسبقها بالفصيحة، أهل الحي مصابون بالغمامة السوداء، فغشيت عقولهم ..

– ‏ ‏**

– ‏تركني الأفندي وقد عزم محاولا أن يزيل عنه الهم، لكن لم يفد، فقد نُقل إلى إسماعيل طلاق ابنته من إحدى النسوة بشكل أثار غضبه، فذهب وقتل زينات لأنها جلبت عليه العار، فتناقلت الأخبار أنه قتلها فضبطها متلبسة مع الأفندي، أما الأفندي وهو في طريقه إلى البائع لحل مشكلته مع أولاد برعي،فقابلوه ليقتلوه فهم أولى بقتله،فكيف للغريب أن يفعل هذا بابنة الحي واجتمع الكل، إسماعيل المزين وأولاد برعي، وأزواج النساء اللاتي أردن أن يتزوج ابنتهم الأفندي، فهو كان عريس لقطة، لم يسمع لي الأفندي،نصحني فقط أن أمكث بعيداً، رأيته يهان، ويُسب، و ينزف الدماء من جبهته،فكل ما اقترفه من جريمة أنه أراد للعقول أن تفكر، لكن حينما تُخوى العقول يملأها الهراء، عقول بالية اختتمت حياتها وتوقفت على أفكار السالفين، حاول محمود العربجي إنقاذه، فدخل بعربته،واختطفه من بين أيديهم، وهرب به،لكن هذه المرة توقف شغفي أن أعرف ماذا يجري،ولم أذهب معه، فكل شيء مكرر، فهذه هي القلعة، وهذا هو الأفندي ولم ينتبه أحد إليه.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى