ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : المدينة الفاضلة . مسابقة القصة القصيرة .بقلم / فاروق حمدي

مسابقات مهرجان همسة للآداب والفنون لعام 2024
دورة الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة
فرع الأدب
القصة القصيرة
الإسم كاملاً: فاروق حمدي فرغلي محمد
الشّهرة: فاروق حمدي
الدولة: جمهورية مصر العربية
فون: 01022901639
واتس: 01022901639
https://www.facebook.com/profile.php?ifaroukhamdy
المدينةُ الفاضِلةُ
منذ الوهلة الأولي تحيّرتُ في رسم بناء هذه القصة أو بالأحري عنوانها؛ فخُيّل إليَّ أن أطلق عليها
{الموسوس _ مزامير إبليس _ المدينة الفاضلة }فكان للأخيرة وَقْعُ الاختيار، لما جناهُ بطل قصتنا من عذابات يبدوا أنه من تصوّر السّرابَ جُنّة وجلّ اللقاءات حفاوة وسعادة، هناك من يجتهدوا في الكتابة ليصلوا إلي عمق التفكير، والعمق الوجداني دائماً مايحرّكني، وما يستثير مشاعري، ويُلْهب أفكاري الجامحة؛ فأجدني أُحجم من صهيلُهَا وصراخها بداخلي، تلك العواطف المأججة بين جوانحي وذاك النور الإلهي والبرق الخاطف، ذاك الموج الهائج في دفَّات قواربي عند شاطئ زمهرير، رَيَّانٌ يفيض بين أناملي تارة وبراكين يتأجج حِمَمَهِ يُداعب رأسي ويُغازل عقلي، يبدوا في فوَرانه كالنجم الخاطف ليلاً، لم أعنِ بالقلوب المختبأة بين الضلوع، بل وجوهاً تبسّمت كالليث يكشف عن ضرسه الأخير يتثاءب؛ فيخرج كالحَمل الوديع، يبدوا في ارتحاله كسارق أشبال النمور، لم أعنِ لفت الانتباه ولا جذب العيون ولا تورية الكلام كالجبن المطحون والكيل المعزول والرِّق المنثور؛ فارتأيت أن أجذب القلوب بالكتابة عن المدينة الفاضلة، لا أتذكّرُ كيف كان اللقاء إلتقينا والتقطنا _ التذكار _ مضي علينا من الوقت ساعات قليلة تُبهجنا النظرات والضحكات، ولا أدري أكان وجودها لعنة وهي النورانية والشّفافة والمبهجة، لم أنتبه إليها كشخص يقف أمامي وأمضينا كُلٌ في طريقه يري خيالات الظلِّ وقتَ الإبهارِ في ضوءِ السياراتِ وانعكاسات المرايا واختناقات المرور، لاشك كان حقيقياً ذاك المستقبل الواعد والطموحات الأوليّة؛ فتأبي الأحلام إلّا أن تصعد كالبالونِ، يَلْحَقَهَا بعضَ زفيرٍ ونعيق الأوثانِ وعبيد الطاغوتِ والأحجارِ مِزْمَارَاً يُعلن في سِرْبِ حَمَامٍ قتلَ الأحلامِ، مسكين ذاكَ الْمُتبلّدُ المتهجن الساكن في جُرْحِ الأيامِ، تَهْتِكَهُ رياحُ الخوفِ بين البعدِ واللا بُعْدِ، بين الْعِشْقِ وبين الكفرِ ، بين النَّارِ وبين النَّار، بين المُكث وبين النزح ، بين الضعفِ وبين الإِبْصَارِ، مسكين ذاكَ المخدوع بمزامير الشيطان، أُلعوبة بين أنامل السِّحرِ ورقع الطبَّال، تلك هي الجامحة في نسج خيالاته تنفك بلا قيَدْ،ٍ ليظل الرُّمح يدميهِ بِلا وَقْعٍ حقيقيٍّ وبلا إنذار، ليصبحَ دماؤهَا في حياته من وحي خيال، ذاك المُنساق خلْفَ صَباباتِ الْعِشْقِ المتعطّشِ للنور، الْمُسْتَنْزِفُ وَالْمُسْتَزَفُ، المتيّمُ العاشِقُ البائِتُ في عالمهِ الأفلاطونيّ، يغتاله أحلام العصافير، مُسلّمَاً راية الانكسار، ودفة الإبحار لغريمٍ متودد يستزف فيه قواه، تنظره مرآته تَفْجَعَهُ بعض اللفتات عند زجاجها المكسور في شبيهٍ يخيلُ له أنه يعرفه تلازمه تجاعيد الأوجه الآثمة بذنوب الطاغوت تلك النفس الأمارة، يتلفّتُ,, يحدق بامرأته تتبسّم له، تحنوا يدها علي وجهه المُتعب تهمس إليه: خانتني السّاعة؛ فغفوت عنك، ليمازحها متبسّمَا ” لا أودُّ هذه الليلة أن تغفوا عيناي عنكِ؛ فلكم أصبوا إلي شبابي واخضرار أزهاري معكِ وربيع قلبينا سويّا، لا أريد تلك المدينة الفاضلة الزائفة؛ فأنتِ مدينتي وأنتِ الفاضلة وأنتِ …” تقاطعه ماهذا الغرام ياسيدي لم أعهده قبل، آخذاً يدُهَا مقبِّلاً كلْتَيْهِمَا: سأكتفي بكِ وسويعات تلك العمر المجهول المتبقي في قدر الأعوام، أذكر فيك حياتي وبهجتي وتضاريس العمر بين خطوطِ الزمن علي وجهينَا، هذا الكوخِ موطني بل أنتِ السُّكني وأنتِ العطر في تلك الأثواب، ليفيق من شرودٍ ألمَّ به قليلا في عاشقته: “وأنتِ هِي وكل النساء أنتِ”، مُحدثَاً حاله: قد يبدو لي أن أتنبه أكثر رُبَّمَا يلوح لي في الأفق كعهدٍ سابق وجوهَنَا صِغَارَا كَمْ لَاهَيْنَا وَالْتَهَيْنَا، كَمْ كُنّا لا نُعْطِي لقوانينِ الحياةِ ولا للتقاليدِ شَرْعَاً، نَلْهُو وَنَلْعَبْ، غيرَ مُبالينَ بالزّمنِ ، وإذا بِنَا نَلْهَثُ لأيَّامِنَا الأولي، وَصَباباتِ أرْوِقَتِنَا وَعبير جداولنَا وعطر طفولتنا الناعمة نلهو بالنورِ كفراشاتِ اليَاسَمينِ تجتازُ كُلُّ الزهورِ، ولازِلنَا نَرْتَشِفُ حَلاوَتَهَا، تُسْكِرُنَا حُبّاً وَوَلَهَا، لقد اعْتَصَرَنَا الشّوقُ وَبِتْنَا نادمينَ آملينَ ليومٍ يعود فينا، لذاكَ الكيس الممتلئ بالحلوي وذاك السّنُّ المَكْسُورِ يُلامِسَ أشعة الشمسِ في أغنيتنا الصافية (صافيني مرة وجافيني مرة) نتمني أن يعود كسنِّ العروس ليلة زفافها، تتابعنا الضحكات، يُبَلِّلُنَا المطرُ، يرتشف الظَّمَأُ فينَا، نأنسُ بليلٍ صاخبٍ حتي الفجر، وعلي أضواءِ الحاراتِ الليليةِ تطأ الثري خُطانَا المُتلهِّفَةُ إلي سِنٍّ يُنْبِأُ فينَا أعواماً سعيدة، تلامس السحابات أعْنَاقُنَا كنجمٍ تلألأ، وإذ بطفلتها العائدة من مدرستها تسأله مُنْدَهِشَةً: أحقاً أنت أبي؟! منذ متي ياأبي لم أجد منك هذه الابتسامة الصافية والضحكة الرّقيقة! .. أرجوك يا أبي لاتحزن ثانيتاً، لعلّك تمنحني سعادة أبديّة في رؤياك ضاحكاً .. أنت ياأبي الدنيا .. أنتَ مدينتي الفاضلة.
المدينةُ الفاضلة
الكاتب/ فاروق حمدي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى