ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : بالدم والدموع . مسابقة القصة القصيرة بقلم / روان علي شريف . الجزائر

روان علي شريف
وهران الجزائر
الصفحة على الفايس https://www.facebook.com/cherif.rouan

قصة قصيرة.”بالدم والدموع”
بخطوات جادة مستقيمة كانت فتاة في مقتبل العمر لم تتعد الثانية والعشرون من عمرها، ترتدي تنوره حمراء و قميص أبيض تسدل شعرها الأسود الطويل الذي يغطي كتفيها وصدرها.تسير في شارع ضيق قبل أن تدخل أحد المنازل الواقع على الشارع الرئيسي من بابه الخلفي.كانت على أثرها امرأة أخرى أكبر منها سنا.
دخلت جميلة من الباب الخلفي وأغلقته وراءها.خلف الباب ساحة المنزل الواسعة التي كانت تشبه مدرسة خصوصية تديرها امرأة عجوز كانت تلك المدرسة بدورها تأوي غرفة صغيرة وجدت، بداخلها شخصا كان ينتظرهما في قلق وفي ركن الغرفة كانت هناك ثلاثة طرود عبارة عن علب من الكارتون متوسطة الحجم، استجلبت لتؤدي غرض ما لا بعرف سره إلا النسوة الثلاثة ورابعهم الذي كان في انتظارهم .
جبهة التحرير تبحث عن رد وشيك انتقاما لضحايا القصبة الذين سقطوا بشارع “ثيباس” على يد الشرطي اشياري وفريقه المجرم.
صرخت زهرة وثارت جميلة وتألمت سامية وعبروا للرجل الواقف أمامهن عن آلامهن وعن استعدادهن للتضحية مهما كان الثمن المهم أن لا ينعم هؤلاء بالجزائر.
كما دخلت زهرة ترتدي التنورة الحمراء والقميص الأبيض غادرت الغرفة مودعة أولا بنفس الملابس سوى أنها غيرت حقيبتها بحقيبة اكبر، تلتها جميلة بعد لحظات ثم غادرت بعدهما سامية في اتجاه مغاير.
بخطوات جادة مستقيمة من غير أن تكون في إثرها جميلة التي رافقتها،عرجت زهرة على كشك بائع الورود واشترت بضع وردات حمر وعلبة سجائر،أشعلت سيجارة هي التي لا تدخن فقط لكي تظهر كالأوروبيات ،وهي في كامل زينتها ظلت في غنج تنفث دخان سيجارتها وتوزع الابتسامات في طريقها كلما ادعت الضرورة حتى أنها أهدت بعض من ورودها الحمراء لعساكر” لاكوست” المجرم .
لم تضيع زهراء وقتها بمجرد أن دخلت إلى مقهى “ميلك بار” اتخذت مجلسا لها وضعت الحقيبة بين رجليها ثم دفعتها تحت الطاولة وقبل ان تبتعد تساءلت في قرارة نفسها “أيمكن القتل من اجل قضية عادلة؟”
اطل العريس الضحية عبد الرحمان براسه، ابتسمت وسمعت هاتفا وكأنه صوته ” قضيتنا عادلة حتى وان استدعى الأمر أن نلجأ إلى أساليب غير عادلة”.
اطل العريس الضحية عبد الرحمان براسه، ابتسمت وسمعت هاتفا وكأنه صوته ” قضيتنا عادلة حتى وان استدعى الأمر أن نلجأ إلى أساليب غير عادلة”.
فبعد برهة وهي على بعد مائتا متر عن المكان دوى انفجار ضخم، تهشم زجاج “الميلك بار” والعمارات والمكاتب القريبة، تعالت الأصوات هنا وهناك، تطاير الغبار وحجب الرؤية .سمعت صفارات الإنذار من بعيد، هرعت فرق الإنقاذ بسرعة وحضر رجال الإطفاء لإخماد ألسنة اللهيب التي طالت الطابق العلوي للمقهى.
حضر رجال الإعلام بكثافة ولفيف من العسكر وفريق من المحققين، أغلقوا الشارع بأكمله ولم يسمح لأي ساكن أن يخرج منه أو يدخله و تزامن ذلك الانفجار بدوي انفجار ثاني في مقهى أخر بشارع “ميشلي”.عمت الفوضى والارتباك وسقطت أطروحة العاصمة مؤمنة.
بعد ساعة من عملية التمشيط والتأكد من الحادثة وحيثياتها أعلن الحاكم العام في بيان مقتضب إن “ارهبيو” جبهة التحرير ضربوا مرة أخرى قلب العاصمة.
هناك بأعالي العاصمة في مكان ما سري للغاية وصل رجل بعد نصف ساعة من الانفجار في صورة شحاذ ،ملابسه رثة يطلب حسنة ، خرج رجلا من بيت آيل للسقوط ادخل يده في جيبه وهو يسلم له صدقة قال الله الشحاذ بصوت خافت ” لقد أخذنا بثأر ضحايانا… العملية تمت بسلام، لا تقضي ليلتك هنا” رد الرجل “نعم..نحن ننتظر الأسوأ ” وبالفعل لم يمضي كثير من الوقت حتى بدأت “معركة الجزائر ” وهذه المرة لا رجعة فيها من كلتا الطرفين. كانت مرحلة أكثر عنف وأكثر وحشية مملوءة بالدم والدموع سحق فيها كثير من الأوروبيون وكثير من المسلمين وكان ذلك ثمنا للحرية التي ننعم بها اليوم.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى