ط
الشعر والأدب

قصة قصيرة : قرآني .بقلم الكاتب/ عصام سعد حامد

-(…ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) صدق الله العظيم..، أوصيكم ونفسي. احفظوا القرآن يحفظكم..، في رعاية الله، ألقاكم غدا. بمشيئة الله.

انصرفت الفتيات، تهيأت إيمان هي الأخرى، بعدما جمعت أجراً رمزياً. تجمعه شهرياً مقابل تطوعها، كذلك تبرعات أهل الخير، وضعتها في مظروف أخضر، خرجت من المقرأة..، لا تقصد إلا بيتها، ركبت سيارة نقل جماعي.. اكتمل ركابها، انطلقت إلى بلدتهم.. سيدة بجوارها.. دست يدها في حقيبتها، انتشلت مظروفها الأخضر..، نزلت اول البلدة، رأتها إيمان بأم عينها، عقدت لسانها وجوارحها..، نبهتها سيدة خلفها:

ــ يا أستاذة. وصلنا..

نزلت.. ساهمة شاردة، ما استطاعت أن تفعله، هو إمساك دمعها، مايشغلها في ساعتها.. كيف تخبر زوجها؟، من أين لهم بالمبلغ، ليردوه؟، لا تدري. كيف دخلت بيتها؟، بمجرد أن رأت زوجها. انفلتت بنات عينها، انطلق بكاؤها.. هدأها..، طالبها بسرد ما حدث، استمع..، سألها

ــ لمّ لزمت الصمت؟

ــ آثرت سترها عن فضيحتها.

ــ على أي مبدأ كان سندك؟

ــ قول النبي( من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة )، الإمام علي ابن عم النبي قال ( والله لو رأيت الفضيحة بعيني لسترتها بردائي)

ــ بارك الله فيك.

ــ أنا أعرفها وأهلها

ــ وأنا لا أريد معرفتها..

ــ كيف..؟

ــ اتركي ذلك للصباح

ــ لمّ؟

ــ فقط. أكملي ستر الله. وأمنحك منحة..تمحو محنتك..

ــ أأنت جاد؟

ــ نعم..

ــ وما هي..؟

ــ ألم تتمني علي اليوم.. أن أصلي بك إماماً بمفردنا؟

– نعم

-.. توضئي لنصلي المغرب معا

– والمظروف..؟

– سيأتيك حتى بابك

ــ بالله ولله أنت.. كيف يكون حالي. إذا تزوجني غيرك؟ يا قرآني

ــ هيا. لقد نادى المؤذن بإقامة الصلاة

ــ أنا على وضوئي

صلى الشيخ بزوجته. في الركعة الأولى. قرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن، حتى قوله تعالى ( ليس لها من دون الله كاشفة..)، في الثانية، بعد الفاتحة تلا من سورة الحديد حتى.. ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد..)، أكمل صلاته، ختمها، صلى ركعتي السنة، طلب العشاء، لبت..، تناولا ما آتاهم الله، صحبها لصلاة العشاء بالمسجد، عادا..، اتخذت إيمان جانباً، لتتلو في كتاب الله. ما شاء ربها أن تتلو. استقبل الشيخ قبلته، صلى قيام الليل، أتما ما شرعا فيه، اتجها للفراش، رأى الشيخ في منامه ما رأى، استيقظ لصلاة الفجر، أيقظها..

بعد صلاة الصبح.. عاد لمنزله، جلس يتلو في كتاب الله، حتى قوله.. ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض..).. يطرق.. نهض الشيخ، فتح الباب.. وإذا برجل من أهل البلدة

ــ السلام عليكم. سيدي الشيخ

ــ وعليكم السلام ورحمة الله

ــ عذراً لحضوري في هذا الوقت

ــ لا عليك، أهلا ومرحبا. تفضل..

ــ أشكرك واعذرني. ظروفي لا تحتمل الضيافة

ــ بماذا يمكنني أن أخدمك؟

ــ آخر وصية لابنتي. ألا يصلي عليها في جنازتها. إلا أنت إماماً، حانت ساعتها..

ــ وصية ابنتك أمانة، سوف آتي معك..

ــ أنا عاجز عن الشكر..

ــ لا داع.. لكن عفواً. أين أمانتنا؟

أدخل الرجل يده في جيبه، أخرج مظروفاً أخضر..

ــ كما هو، لم نمسسه، كذلك الطبيب..، ( والله غالب على أمره..) صدق الله العظيم

بقلم
الكاتب/ عصام سعد حامد

مصر أسيوط ديروط

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى