ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : ماذا لو . مسابقة القصة القصيرة .بقلم / غزة عباس عطا .( شهر زاد الربيعي ) العراق

ماذا لو

أمي، نموذج حقيقي لروح أثقلت بسوء الحظ، منذ موت أبي في حرب ما اصبح أكثر حياة بالنسبة لها، وكأنها تشد وثاقها به للعالم كي لا تتبعثر، طبيبة، و كاتبة، وكانت تستعمل الوحدة والصمت كجدار تحيط به نفسها، تحيا كسجين في حياة رجل ميت، عجزت وانا أحاول مساعدتها في نسج فكرة جديدة للزمن، لتدنو تدريجياً أكثر من العالم، وكانت دائماً تقول نصف أناي قد مات منذ زمن بعيد . كثيرا ما تكتب خواطرها الفجائية في رسالة على جهاز هاتفها المحمول وترسلها لي كوسيلة لحفظها، وكنت اتجاهل الكثير من هذه الرسائل بعد أن أقرائها، واحياناً كانت تأخذ رأيي بما كتبت، قبل أيام استلمت منها هذه الرسالة حيث هي في مرسيليا بدعوة من مؤتمر متخصص في الطب هناك، تقول في رسالتها:_ (قد لا تستطيع حمل كل ذكرياتك معك اينما ذهبت، وقد تضيع أوراقك في المطارات والفنادق الكبيرة والمزدحمة، والبدايات دائما صعبة اذا اردت تغير حياتك، لكن، كل ما اردته، هو ماذا لو خُلقت في مرسيليا، ابان الحرب العالمية، فتاة ليست جميلة جداً، بسيطة جداً، أحبت طياراً من جيش الحلفاء، واحتفلت معه بانتهاء الحرب، لكنه سقط بطائرته في حرب أخرى بعد فترة وجيزة، وكأنها استراحة محارب، وقضت حياتها ترسم لوحات وتكتب قصص، أو ربما فتاة المانية، بقت بين أنقاض برلين بينما رُحّل حبيبها مع الأسرى الى سيبريا، وعاشت لتبني برلين جديدة، أو يابانية، فقدت أهلها كلهم في هيروشيما، بينما كانت تدرس في طوكيو، أو فلاحة فيتنامية قتل زوجها من قبل الأمريكان كمًقاوم وعاشت لتزرع الرز وتربي أولادها، هناك الكثير من السيناريوهات المحتملة، ماذا لو، لم يعد يهمني تغير الأحداث، لتبقى كما هي، غالبا ما تتغير رغباتنا بعد فوات أوانها، الوقت قاتل بارع، كل الذي أردته هو تغير الجغرافيا، أذا فكرنا أن الحروب هي الحروب، والجنود هم الجنود، والناس هم الناس، بغض النظر عن من قام بالحرب ومن تسبب بها، الحروب تنتهي وفقاً للجغرافيا، ليس بالشيء الكبير ما أطلبه، فأنا مثل فريق خسر مباراته، ويلعب لاهثاً بالوقت الضائع، حين تصبح اشارات الحكم كلها غير منصفة، وهذا المكان يبعث على الجنون .)) هكذا انتهت رسالة أمي، مازالت عالقة بزمن حروبها، لكنها تكتب أحلى ما لديها اثناء سفرها، وبعد أيام وعندما نسيت الأمر كلياً، استلمت رسالة أخرى منها تقول فيها .(( التقيت شخصاً أعرفه منذ كنت في الثامنة عشرة، سنتزوج، لن أعود من مرسيليا )) .
الكاتبة _ شهرزاد الربيعي/ العراق
الاسم الحقيقي _ غزة عباس عطا
هاتف _ ٠٠٩٦٤٧٩٠١٨١٩٢٥٠

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى