ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : مخالب القط . مسابقة القصة القصيرة بقلم / سيناء محمود حسان . العراق

. سيناء محمود حسان
بغداد، العراق
https://www.facebook.com/siena.mhasaan?mibextid=ZbWKwL

قصة قصيرة/مخالب القط

كان حلماً بغيضا عكر صفو حياتي ، لم ينفك ان يتسلل الى رأسي ليلا، كصياد يطارد فريسته يتلذذ بتعذيبها، ، أمسى شبحه يراود احلامي، يقلق سكينة منامي الهاديء كلّما هجعت في الفراش واغمضت جفني، تتسكّع بي المخاوف في دهاليز النفس المعتمة ترمي بي الى هاوية الفزع، اهب مذعورة من نومي اتوسّل هذا الليل الطويل أن ينتهي وينبلج الفجر، فتهدأ روحي ويطمئن قلبي، انام بضع سويعات ومازال جسدي يرتجف من هول مغامرة تسكن مخيلتي، لم اترك سبيلا الا قصدته للخلاص من الكابوس، فتارة ادمن على تناول المهدئات وعقاقير النوم، وتارة اخرى اطوف بالبخور و آيات من الذكر الحكيم، ولعل أكثر ما أتوق سماعه ويلح على، ذلك الفضول في تفسير الحلم و تأويلاته ، تذكرت أمرا مهما، رحت أضرب راحتي واردد مع نفسي
نعم العجوز العرافة كيف غابت عن خيالي فقد عرفت هذه _ العجوز بالفطنة و المشورة و لها باع في تفسير الاحلام
قصدتها في أحد الصباحات حيث تقطن في آخر الزقاق، تذكرت حينها كيف كان الصغار يخشون الاقتراب من بيتها الذي تفوح منه رائحة البخور ، رغم ترددي في الذهاب ،إلا أن هاجسا في داخلي يصر علي بفك طلاسم الرؤيا، طرقت الباب، أجابني صوت أجش من الداخل
_ الباب مفتوح يمكنك الدخول
حين وطأت قدمي باحة الدار، رأيت سحنتها عن قرب كما لم أره من قبل ، عجوز قصيرة القامة، تلف جسدها المقوس بخرقة بالية، معصوبة الرأس، أفلتت بعض خصلات الشيب على جبينها، قالت بإشارة من يدها ان اتبعها الى الاعلى تقصد في الطابق العلوي من الدار، صعدت خلفها وقلبي يخفق، السلم متهالك يؤدي الى ممر ضيق معتم ، توقفت فجأة أمام حجرة لا باب لها ، فقد أسدل عليها غطاء من القماش مثبت من الجانبين، رفعت الغطاء فيكشف عن مكان موحش للغاية، لم أستطع التمييز من العتمة، فقط اشارت ان اجلس
قالت هات ماعندك _
نظرت اليها بالكاد رات وجهها وهو يغوص في دخان الموقد والبخور وجه متشقق نالت منه السنين لكنه يحمل من الدهاء الكثير، أول ما نطقت به
القط الشرس … ثم أردفت قائلة، قط اسود
أصابتني الدهشة كيف علمت بما اتيت من اجله، بلعت ريقي وبدات اسرد لها مارايت في منامي،
_ ياسيدتي رأيتني اركض في شارع طويل، صوت اللهاث يتدفق الى مسامعي، يزيد من جذوة اضطرابي
ادخل في ازقة لم ارها من قبل، يتبعني قط فاحم السواد، يريد بي الاذى ، جميع الابواب مغلقة في وجهي ، حملتني قدماي الى حيث لا أدري، حتى وجدتني أمام سور شاهق فيه باب صغير دفعته بقوة ، وحين أصبحت في الداخل اختفى الباب رأيتني في باحة بيتنا القديم، اذ لم يتغير منه شيء، تلك الجدران التي حفظتها عن ظهر قلب، الابواب، الشبابيك، يا الهي انه بيت الطفولة والصبا، انه حينا القديم حيث كنت العب مع اقراني، حتى رائحة التراب نفسها، ما زلت أشم عبقها، لا شيء مختلف سوى السور الذي
، تحيط به أشجار عملاقة لم أر مثلها من قبل تتدلى منها اوراق كبيرة، تضفي جمالا للمكان، تتشابك الأغصان الكثيفة مع بعضها دون أن تترك منفذا للعبور. يستقر في باحة دارنا متكأ عظيم كأنه لأحد الملوك ، مغروس على ارضية من الرخام الأبيض ، يتوسدها شيخ كبير ضرير، ذو لحية بيضاء طويلة، وشعر ابيض ينسدل على كتفيه، تعلو وجهه هيبة العظماء والوجهاء ، كأنه خرج من إحدى الأساطير القديمة ، يحمل من الوقار ما يجعل المرء، يتفرس في وجهه دون ملل، يمسك بمسبحة طويلة،تدور بحركة منتظمة ،تنساب بين أصابعه بخفة ، يحركها بإيقاع منتظم فيانس بذلك. لا يرى سوى العتمة، لكنه يشعر بمن حوله، فكان يقول بين الحين والآخر :
السلام على القادمين، السلام على الآفلين
، وانا اطيل النظر اليه والى حركة يديه، ينقطع خيط السبحة على غفلة منه، فانفرط الخرز من بين يديه تناثر هنا وهناك ، كان يشعر بالهلع حين تلمس طرف الخيط المقطوع ، تمتم بحسرة ووجع
_ ياللخيبة لم انتبه ان الخيط أصبح باليا إنكبّ على وجهه يتلمس الأرض بحثا عن الحبات، يقوم بالتقاطها حبة حبة. كان يفعل ذلك بمشقة وعناء ، يشهق كلّما عثر على خرزة يدفنها في جيبه مع صويحباتها. بينما هو منشغل في جمع ما انفرط منه، يقفز قطّ اسود فجأة ، هكذا يولد من جوف الفضاء يثير فزعي، يتحرك بسرعة خاطفة نحو الخرزات، يدفعها بعيدا عن متناول يد الرجل، ينزلق بين أغصان الشجيرات ثم يعود مسرعا، بحركة بهلوانية نحو يد الشيخ يلتقط حبات أخريات ويهرب بعيدا ، لا اعرف لماذا يفعل ذلك، لكني أشعر بأنه يريد شرا بالشيخ، وبي أيضا
كنت اشفق على على الرجل ، اندفعت نحو القط دون أن أفكر في العواقب ودون تخطيط للخطوة التي سأقوم بها، فقط اقفز نحوه ، في محاولة لردعه وحمله على الهرب، التفت نحوي الخبيث مكشّرا عن نابين كبيرين راح يغرزها في يدي دون رحمة او شفقة ، كنت اصرخ من شدة الالم، افز من نومي مذعورة مثل كلّ مرة، في كل مرة اشعر بالموت، ارجوك ما تفسير ذلك، انتبهت العرافة الى ارتجاف صوتي وجسدي، تعابير وجهها ازدادت عبوسا، قرأت في ملامحها شيئا لايسر، قطعت سلسلة افكاري وهي تولول وتصيح ،
فلتدركنا رحمة الرب ان فتك بنا عدو ﻻيرحم
شعرت بالهلع من المفردات المخيفة
_ يفتك… عدو… يا إلهي
أدركت ما تعنيه العرافة من تأويل الرؤيا، حزمت أمري فيما يجب فعله الليلة، قلت لها قبل ان اغادرها،
سوف أحشو رأسي بالسم إن اضطررت للقضاء على ابن اللعينة.

سيناء محمود حسان.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى