ط
الشعر والأدب

قصيدة الحب .. قصيدة للشاعر / شريف العاقل

<<قصيدة الجُبّ>>

“هِيبَهْ”.. هو لقبُ أمي

في عائلتنا

#النَّص:

فَقَدْتُكِ يا “هِيبَهْ”..

ومِثْلُكِ يُفْتَقَدْ..

فَقَدْتُكِ في جَمْعٍ

فَأَنْظُرُ.. لا أَحَدْ

كَأَنِّيَ في قَبْـرٍ..

وأسْمَعُ نَبْحَهُمْ..

ولا صَوْتَ لِي

-إِذْ مَا اسْتَغَثْتُ-

ولا سَنَدْ..

فَأَصْرُخُ في صَدْرِي..

لِيَرْتَدَّ لِي الصَّدَىٰ

كَطَعْنَاتِ بِلْيارْدُو.. بِطَاوِلَةِ الجَسَدْ

كَأَنِّي مِنَ الطِّينِ الذي اشْتَـدَّ صُلْبُهُ

بِنَارٍ.. -عَلى مَهْلٍ- لِأُخْلَقَ في كَبَدْ..

أُرَىٰ في مَهَبِّ الرِّيحِ.. رِيشَةَ طَائِرٍ..

تَقَاذَفَنِي الإِعْصَارُ.. لَيْسَ لَهُ بَلَدْ

كَأَنْصَافِ ثَوْراتٍ.. أَعُودُ بِخَيْبَتِي..

فَلا صِرْتُ حُـرًّا.. أو سَلِمْتُ كَمَنْ سَجَدْ

فَأُنْسَىٰ.. جُنَيْهًا فِي مَخَابِيءِ مِعْطَفٍ

طَـوَتْهُ بِأَصْيَافٍ حَقَائِبُ.. مَا فُرِدْ

فَأَغْشَىٰ -وَمَا بِي نعْسَةٌ- هَرَبًا.. كَمَنْ

يَفِرُّ مِنَ الدُّنيا.. فراركَ من أسدْ

*********

أرَىٰ مَا وَرَاءَ الشَّيءِ.. رُؤيَةَ مُبصِرٍ..

وَحَوْلِيَ عِمْيَانٌ.. تَقُولُ بِهِ رَمَدْ..

فَصِرْتُ يَتِيمًا..

مِثْلَ دَمْعِ سَحَابَةٍ..

وَلا أُمَّ لِي -إِذْ ما انْتَحَرْتُ-..

كَمَا البَرَدْ..

هَمَىٰ في صَحَارَىٰ قَد تَشَقَّقَ جَوْفُها

جَفَافًا.. فَشَدَّتْنِي لِقِيعَانِ مُلْتَحَدْ

وَلا بِئْـرَ أصْبُو أَنْ أَشِبَّ لِقَاعِها

وَلا دَلْوَ مِنْ سَيَّارَةٍ جَوْفَها وَرَدْ

وَحِيدًا بِجُبِّي..

كَمْ تَنَاذلَ إخْوَتِي

لِقَتْلِي..

كَأنِّي قَد ذَبَحْتُ لَهُمْ وَلَدْ

وَجَاءُوا أَباهُمْ فِي عِشاءٍ بِلا بُكَا

يَقُولُونَ ألْقَيْنَاهُ فِي الجُبِّ عَنْ عَمَدْ

وَمَا مَسَّهُ ذِئبٌ بِقُرْبِ مَتاعِنَا

وَمَا مِنْ قَمِيصٍ في دَمِ الشَّاةِ قَدْ وُجِد

فَنَحْنُ “انتَقَمْنَا مِنْكَ فِيهِ كَمَا تَرَىٰ

شَياطِينُ إنْسٍ.. لا نُكِنُّ سِوَىٰ الحَسَدْ”

“وَقَدْ أمْهَلَ الجَبَّارُ قَبْلُ كَبِيرَنا

لَنَحْتَنِكَنَّ الخَيْرَ فِيهِ إلى الأَبَدْ”

فَكَانَ ابتِلائِي.. مِنْ دِمَائِي.. أ/عَقَارِبِي..

دِمَاكَ إذا خَانَتْ.. فَمَا فِيكَ مَا فَسَدْ؟!!

لِأَغْدُو كَهَابِيلَ الشَّقِيقِ..

فَطَعْنَتِي.. أُلُوفٌ مِنَ الطَّعْنَاتِ

أَدْمَىٰ بِغَيرِ رَدْ..

بَسَطْتَ يَدَ الأَفْعَىٰ لِتَقْتُلَنِي

وَمَا تَرَانِي -عَلَىٰ التَّكْرارِ-

قَطُّ بَسَطْتُ يَدْ..

صَبرتُ كَما بَابٍ شَريفٍ

عَلى أذَىٰ التي جِيدَهَا حَبَلٌ

مِنَ الغِلِّ والمَسَدْ

وَمَنْ لَمْ يَعِظْهُ المَوْتُ

لا وَاعِظًا لَهُ..

وَمَنْ لا يَرَىٰ الأُخْرَىٰ..

فَلَيْسَ يَرَىٰ الصَّمَدْ..

فَمَا أَهْوَنَ البَلْوَىٰ..

إذا المَوْتُ كَانَها..

ولَمْ يَكُ بَابًا للبَلايَا بِغَيْرِ حَدْ..

كَأَنَّ ابْتِلاءَ المَرْءِ فِيما يُحِبُّهُ

قَضَاءٌ.. لِكَيْ لا لا نُحِبَّ سِوَىٰ الأَحَدْ

وإِنَّ البَلايَا حِينَ تَهْمي جَمَاعَةً

فَلِلّهِ مُجْراهَا.. وتَدْنُو.. لِتَبْتَعِدْ

وَهَلْ حَلَّ عُسْرٌ بَيْنَ يُسْرَيْنِ دُونَمَا

تَرَىٰ صِدْقَ تَيْسِيرِ الإِلٰهِ كَمَا وَعَدْ

*********

وَلَكِنَّ نَزْعَ الرُّوحِ مِنْ جِذْرِ صَدْرِهَا

مَرِيرٌ كَفَقْدِ الأُمِّ..

فَالآهُ في كَمَدْ

فَقَدْتُكِ يا هِيبَهْ..

فَذُبْتُ كَشَمْعَةٍ

بِبَحْرِ رِمَالٍ.. إِذْ أَرَىٰ الكُلَّ يَبْتَعِدْ

أَرَىٰ الكُلَّ أصْنَامًا تَبَاكَتْ لِحَالَتِي

وَلا خَيْرَ فِي كَفٍّ لِغَوْثِي تُرَىٰ تُمَدْ

حَجَزْتِ كَسَدٍّ كُلَّ فَيْضٍ مِنَ الأذَىٰ

فَإِنْ شَاءَ يَعْلُونِي..

تَطَاوَلْتِ أَلفَ سَدْ

فَلَمَّا هَوَىٰ سَدِّي.. طَوَتْنِي مَصَائِبِي

كَطُوفَانِ نُوحٍ لا يُغادِرُ لِي وَتَدْ

فَقَدْتُكِ يا وَحْيَ السَّمَاءِ..

وأَنْتِ إِذْ صَعَدْتِ..

فَذَا إيذَانُ قُرْبِي لِمُصَّعَدْ

فَأَنْتِ صَلاةٌ.. كُنْتُ مِنْهَا إِقَامَةً

وَرُوحُكِ حَجٌّ.. عِشْتُ إِحْرَامَهَا الجَسَدْ

فَقَدْتُكِ

يا مِعْرَاجَ رُوحِي.. وَزَمْزَمِي

وَهَيْهَاتَ يَرْوِينِي أُنَاسٌ مِنَ الزَّبَدْ

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
زر الذهاب إلى الأعلى