قصيدة .سجيّةُ عاشِقٍ ..مسابقة النص النثري بقلم / إنعام الشيخ..العراق

قصيدة نثر
سجيّةُ عاشِقٍ ….

في منتصفِ الطريقِ
لا تُغْمِضْ عينيْك
كموجٍ أعمى ،
كَي لا يَكْتهِلَ شِراعُك
وتموتَ سجينَ غيبوبةٍ

هاهي خطاك المنهكةُ
تَأخذُ صوبَ ذاكرةِ الرّيحِ
تأتيك الدهشةُ مغمَّسةً بالقشعريرةِ
كاحتراقِ الغاباتِ
تشتَعِلُ نارُها أبَدًا
فتَتَيبَّسُ سماواتُك
وتثْمُلُ بغيمٍ عقيمٍ

لا تُغْمِضْ عينيْك فوق منصَّةِ العرضِ
كي لا تكونْ عبدا
تُراودُك الأحلامُ باهِتةَ المعنى
وتَتَبَاعدُ روحُك عنك
فتَجْثُو خاوِيًا من عطرِ أحلامٍ لا تَبْرأُ
تَطْلُبُ عُذرًا يَسألُ عن ضوءٍ ، عن غدٍ أجْملَ ..
عن غصنِ زيتونٍ يتَضوَّعُ سماءً تَسِيلُ نُجومًا
ربّما يَخْضَرُّ الحزنُ ،
يُخْصِبُ ترابًا مقدَّسًا
وتحفِرُ الشموسُ نبْعًا لوجعِك
ها قد تَلَاشَتْ حدودُ الحريةِ بسرابٍ الحقيقةِ
ذابَتْ أسوارُ القصيدةِ
وانطَفأتْ ضحكاتُ السِّنينِ

أنا ،الآنَ ، أنثى الحزْنِ ..
أروِّضُ العِلَلَ بترنيمةِ الزَّنجِ
والقلقُ الرّاكِضُ يَمْنَحُ النَّفْسَ اتِّسَاعَ الضَّيَاعِ

لم يَعُدْ ذاك الشّراعُ يُسَرِّى عن شاطئِه
وانا الأُخرى لم أعُدْ أَتَسَرَّى به
كلانا يتشظَّى غرَقا

أيُّها المُبْحِرونَ غرقًا
قد تجِدونِني
قائِما بِذاتِي. .
أتأمَّلُ انْتِصارَ الرِّيحِ
ربّما تحمِلُ الإثْمَ …
تُلاحِقُ الأنفاسَ …
تقشِّرُ وِزْرَ الضَّبابِ الكائِنِ فِينَا

وطنِي كُلُّ الفراغِ فيك ! في حُضنِك ، الصَّفائِحُ المتروكةُ تُطعِمُ الفقراءَ
و تُؤلِّفُ جُدُرَانًا لمهاجِعِهم
اللّيلُ لا يَنْتَهي،
يَحُثُّ الخُطى هرباً من سُخُونةِ الأَحلامِ
والرّوحُ الشّرِيدةُ تَتَحسَّسُ تعويذةً خفِيَّةً
بها يَموتُ الازْدِحامُ

أنتَ هناك …
مؤنسٌ للاحتراقِ
تَشْعُرُ بغبطةٍ في السّاحاتِ
تتلقَّفُك أجنحَةُ الفراشاتِ
سائلاً الغاباتِ المجنونةَ
والتِّيهَ المقمِرَ
والطينَ المُثمِرَ
ألم يَمُرَّ يوما عاشق يَبْكِيهِ ليلٌ مجْنونٌ

ذلك النَّهْرُ لنا …
أطِلِ البقاءَ بين ضفَّتيْه
واغمِسْ وجهَك في طُهرِ غروبِه ..
لم تُغَادرِ الأشجارُ ظلَّها
تَعوّدتْ أن تنفضَ أوراقَها ،كلّما قرعَ الخريفُ ريحَها ،
حيث وشمَتِ الْقبُلاتُ خاتمَك لتُطفئَ ظمأَ الْغربةِ

إنعام الشيخ..العراق