ط
مسابقة الشعر الحر والتفعيلى

قصيدة : قلم بلا مداد .. مسابقة النص النثري بقلم / عبد الرحمن قاسم ..مصر

قصيدة/ قلم بلا مداد
كلمات/ عبد الرحن قاسم

جائني الشعر وقابلني
وفي دروب مشاعري
كنت أسير فأوقفني
ألقى عليَّ تحية وأخبرني
أن أسرد مشاعري في سطور
أن أكتب ما بداخلي من شعور
ومن مشاعر تثور
وتناضل لأجل العبور
من غيابت فؤادي
حتى ترقد في السطور
وقبل أن أكتب عليَّ العثور
على كلمات تتخذ من القوافي عطور
وبلاغة تسبح في تلك الكلمات
وعاطفة تصوغ الدمع والظلام بذور
ثم تزرع بذور الدمع في الأحرف
وتزرع بذور الظلام في النور
فكتبت بمشاعر تغزر الموت في الحياة
وتُسكن الروح القبور
وبقلم مداده رحيق الزهور
وجدته لا يُلائم كلماتي
فهو يأبى سوى السرور
فأبدلته بقلم مداده أدمع
جعلت الكلمات من الحزن تفور
قلم يحمل يدي
ويجري بين السطور
كتبت:
أجهش دمعي بالبكاء
وعلى ذاتي ألقيت النداء:
عَجِبْت لما وافاكِ من داء
أيا ذاتي: ثقتكِ عمياء
وَجُلُّ الورى خيانة لها قشرة الوفاء
حتى أقرب الناس إليكِ
حتى أصابع يديكِ
تعرفين عنهم محض أسماء
لكنهم لو تعلمين غرباء
احتفت وجوههم بالحرباء
فانثريهم في شعر
وحبذا أن يكون هجاء
قولي أنهم:
يهرولون ليبلغوا رائحة الثراء
تفشى بغيهم كالوباء
لا يعرفون معنى للعطاء
قولي لهم: عذرًا يا هؤلاء
فما من سوق يعرضه للشراء
اهجري من في الأرض
كي تحيي بلا شقاء
كي يغادر مقلتيكِ البكاء
فلم تُنْصِت إليّ
ومَرَّت من غربالي للردى كالماء
فحملت نعشي إلى المثوى الأخير
وصَبَّرتني وحشة البلاء
ومن ضُروب الشعر تَفَتَّق الرثاء
وجاء ألم الفراق وانتهى اللقاء
فبقى جسدي في الأرض
وسكنت روحي في السماء
حينها لَبِس الصبح ثوب المساء
وانتحرت معاني الولاء
وتقيأت ذكرياتي في الهواء
وخلعت مشاعري
واتخذت البؤس ثوبًا ورداء
وأخفيت وجه إخلاصي
بأقنعة من العداء
وعن نفسي قمت بالدفاع
وصرخت في وجه الجميع:
أزيلوا عن وجوهكم القناع
ما أبديتم سوى:
مكر الثعالب وغدر الضباع
تَزَيَّنْتُم بِأبخس الطباع
تركتم في فؤادي أَحَطَّ انطباع
تركتم ذكريات من الصراع
حاولتم خداعي قدر المستطاع
وهِمْتُم بزرع الأوجاع
وقد خدعتم وقد زرعتم
فكفاكم مكرًا وخداع
فالآن أقول لكم: الوداع
وبعد أعوام افتقدتُني
فقصدتُ قبري زائرًا
ثم ناديتُني: كيف الحال؟
فلم أجب !!
فقلتُ: لا أريد جدال
فقط أخبرني مكانك هذا أفضل؟
أم أحيا وسط الضلال؟
فلم أجب !!
فألقيتُ ناظري نحوي
فرأيتُ جراحًا غَطتها رمال
فأثملني اليأس وقتل الآمال
وتعاهد فؤادي والحزن على القتال
فمزقت فؤادي نصال الحزن
فنصال هَوَت وبَقَت نصال
تزرع الجرح وتحصد الآلام
ثم تجعل الألم عميقًا
وتكتم فاه بأقفال
فودعتُني بحسرة المشتاق
وصرختُ بصوت
علا صداه سَفح الجبال:
وداعًا أشقى الرجال
وقبل أن يكتمل الوداع
حَشْرَجَتْ جراحي قائلة:
لا تيأس
هناك مَن ينتظر مجيئك
هناك شخص بائس
ينتظر يوم الحساب
يعيش وحيدًا في عذاب
انعزل العالم بعدما
نال الخيانة من الذئاب
هاكَ عنوانه .. اذهب إليه
سيفتح لهمومك الأبواب
فمضيتُ أسعى نحو أمل
غدره الواقع عمرًا فخاب
لكنه عاد إليَّ الآن
بعد أن طال الغياب
فذهبت إلى بيته
فوجدتُ شيئًا عُجاب
وجدتُني أمام بيتي
فناداني الواقع وقال:
مَن تُرى كنتَ ترجو؟
أنتَ مَن يعيش في عذاب
أنت مَن نال الخيانة من الذئاب
أنتَ مَن ملأ الكأس يأسًا وقام بالشراب
أنتَ مجرد اسم
كتبته الحياة في سجل الغياب
اعتقدتَ أن الأمل عاد
لكنه كان سراب
هذا بيتك .. والبائس أنت
أَفِقْ من الأوهام
لا مثيل لك من الأنام
لكن لك العذر
فمثلك يا ولدي لا يُلام
سَئِمَ صبرك غدر اللئام
تراشقت في فؤادك السهام
جرحك عميق
فمك مليء بأتعس الكلام
ولا تستطع التعبير
فقد قَيَّد اليأس لسانك باللجام
وربط آمالك بحبال من آلام
أفق يا ولدي .. ونام
فالنوم لمثلك صَحْو من الفِصام
نَمْ وانْسَ حياة الخِصام
نَمْ وانْسَ الجرح والآلام
نَمْ وانْسَ الأوراق والأقلام
نَمْ .. واحذر
يخدعك الأمل ويأتيك في المنام
وهنا توقف الواقع عن الكلام
وتوقف قلمي عن السير في الأوراق
بعد أن نثر مشاعري بصدق ونظام
ثم خاطبتُ الشعر قائلًا:
الآن يا شعر سردت المشاعر
فقال منازعًا منيته:
لَيْتَنِي لم أقل لك ما قلت
بؤس كلماتك أدناني من الموت
وهل استفدت؟
ألا تعلم أن صراخك في الأوراق
كان بلا صوت
الكتابة فقط تُريحك من الكبت
– لكن يا شعر:
مشاعري كانت تستغيث
– أَغِثْهَا إذن بعقل خبيث
اترك لها سطرًا واحدًا
تسبح فيه وتعيث
لو كانت الكتابة تُعطي مَن أراد
لسادت الخُلُق سلوك العباد
لانتهى عهد الفساد
لاندثر طغيان العباد
الكتابة لا تُلَبِّي المراد
فَمَن سَرَد مشاعرك:
قلم بلا مداد
حتى الأوراق صارت رماد
سكت الشعر ثم وافاه الميعاد
حينها جاء الواقع من جديد
وقَيَّد كلماتي بأوتاد
مشوبة بضجر وعناد
قلت: دعها تذهب
ما عُدْتُّ أحتاجها
ما عُدْتُّ أحتاج أوراقًا ولا أقلام
فالشعر أتاني والآن قد مات
فتركها تذهب
بلا أسطر تتخذ منها زاد
ثم ضحك في وجهي ساخرًا
وقال وشعور السخرية
في وجهه قد ساد:
كيف أتاك الشعر؟ أأنت جاد؟
لقد كان كالأمل
كان أيضًا سراب
فالشعر قد مات منذ زمن
فهل رأيت قبل هذا ميتًا عاد؟
اليأس قتل الشعر
حتى تظل مشاعرك سجينة
في غَيَابَتِ الفؤاد

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x