ط
مسابقة القصة القصيرة

قصّة : تحتَ الأنْقاضْ.. مسابقة القصة القصيرة بقلم / هذلي إيمان .. الجزائر

هذلي إيمان

دولة الجزائر

اسم الفايسبوك:الكاتبة هدلي إيمان

لينك: https://www.facebook.com/imy.hed?mibextid=ZbWKwL

المشاركة في مسابقة مهرجان همسة الدولي

قصّة بعنوان: تحتَ الأنْقاضْ…

وَ أَخيرا تخلَّصْتُ مِنْ أَلمِ أُذُنَاي ،

لَكِنْ الآن لَا أَرَى شيأً، خَيَّمت

العَتمَةَ المَكَان، بَدَتْ الحِيطان

قَرِيبةٌ جِدًّا منِّي

كَأَنّها مُتَّكِأَةٌ علَيّْ ، بِِهَا شُقُوقٌ و غُبارٌ

يَتَصاعَد.. ماذا يجري !؟

أَيْنَ أُمِّي و أبِي؟

حاولت الإِلتِفَاتَ لِأخِي

الرَّضِيع الذِي يَبْكِي فِي مَهدِه، لَكنِّي لَمْ أَسْتَطِعْ،

يَدِي اليُمنَى مُلْقاةٌ فَوقَ جّزْءٍ

آخرَ مِن الحَائِط، دِماء كَثِيرَةٌ على

ثَوبِي، رِجلِي

أيضا مُنفصِلٌ عن جَسَدِي لَكنِّي لَا أَشْعُر بِالأَلَمْ.

مَازِلتُ أسْمَع بكاءَ أَخِي أَمَامِي يَشْتَدّ، أسمعُ الآنَ

أَصْوَات أُنَاسٍ يَتَّجِهُونَ نَحْوَنا،

و إذْ بِرَجُلٍ يُزِيحُ جُزءًا مِن حَائِط

مَنزِلِنَا و هو يَقول: “أنَا أسمع بكاءًا،

هُنَاك أحياء. تَعَالُوا لِمُساعدَتِي”، أَزَاحُوا

الحَجَرَ الثَّانِي،

إنَّهُمَا مَفْزُوعان

بدأ الظلام بالتَّلاشي، و أَتَى آخَرٌ لمساعدته.

أَنا لَمْ أَسْتَطِعْ البُكَاء مِثلَ أَخِي و لا حَتَّى

الكلام، حَمَلَ أَحَدُهما أَخِي ضَمّهُ لصدره

سَعِيدةٌ جِدًّا لِذَلكْ، إِقتَرَبَ رجُلٌ منِّى أَكثر

و أَمعَنَ النَّظرَ فِي وَجهي ثمّ جِسمِي)

كانت عيناي اللَّوزِيّتَانِ مفتوحَتان أنْظُرُ

مباشرةً فِي عَينَيْهم و هَذا ما أرعَبَهم بِشِدّة،

شِفاهي بيضَاء، بشرتِي شاحِبة، جسدي كلَّه

دِمَاء، يَدي و رجلِي منْفَصِلَتَانِ عن جسَدِي، مُسْتلقِيَةٌ فوقَ رُكامٍ مِنَ الحَجرِ

و الإِسْمنْتِ مُحَاطةٌ بِي مِن كُلِّ جِهةٍ، لا أزالُ أرَاهم و أرَى وجوهَهُمْ المُرتعِبةِ الحزِينةِ، أيدِيهم المُضْطربة البيضاءَ بالإِسمَنتِ و الآجُر، أسْمَعُ دقّاتِ قلوبِهم، تَخفِقُ بِعُنف.

جَحَضَتْ عيناه و إصفرّ وجهه

و وَضَعَ يَدَيْهِ عَلى رَأْسِه و صَاح.

أَتَى رَجُل ثانِي و ثالث، الكلُّ يَنظُر لي بِفزَع

لا أحَدَ يُرِيد الاِقترابَ منِّي ، لم أتعرّفْ

عَلَى أحدٍ مِنهم الكُلُّ غُرَباء لكنْ أَتَمنَّى لو

يَحمِلَنِي و يَنْتَشِلَنِي أحَدُهم من هذا الرُّكام،

لا أُريد البقاءَ فِي هذَا الرَّماد.

ذَهَبَ الرَّجُلان و تَرَكَانِي في مكاني

و أتَى آخَرانِ يلبَسَان بَزَّةً صَفراءَ لا أعرفُ

ما كُتِبَ عليها،

لا أستطيعْ القِراءةَ

بعد، حَمل أحدُهما يَدِي اليُمنى مُنفصِلةً

عن جسدِي بِيَد و رجلِي اليُمنَى كذلكَ مُنفصِلةٌ

عن جسدِي بيده الأُخرَى وَضَعَهُما

في قماش أو غِطاء و حَملنِي الثَّاني

بِكلتا

يَديْه، هُنا فقط إنتَبهتُ لبطنِي المفتوحة سقط منها شيءٌ لونُه أحمر فأسرَع الرّجل الأوّل الذِي حمل أطرافي

و وضعَها

معِي في قطعةِ القماش تِلك ولم يتركها في

الرُّكامِ و قدْ أسعدَنِي ذَلِك … كم أنا مُمتنَّةٌ

لهُما، لم يشعِرَاني بالحرجِ، حَملَاني لَملمَانِي

دَثّرانِي و أخيرا شعرت بالإرتاح قلِيلًا ،

لكن أيْنَ أبي و أمّي!؟ طال غيابهما

بإِتِّجاه المقبرة كَان جِسْمِي مُغطّى بقماشٍ أخضر اللّونِ، لازلت أَرَاهم بِوضوحٍ و أرَى

كلَّ ما يَجري حولِي و أسمعُ كُلّ الأَصواتِ من قريبٍ أو

مِن بعيد…

لَمْ أَكُن الوحيدة بل الكَثير من

الأَكفَانِ، وَضَعونا فَوْقَ بَعضِنَا البعضْ!

مكَثْنَا هناكَ ساعةٌ أو أكثر… إِخترقَتْنِي رَائِحة قويّة لِأمّي، و گأنّها بجانبي، أَتمَنّى لو أَنّني مُخطئَة، أَعلَمُ أنّ أخِي يَحتَاجُها الآن أكثَرَ منّي، سَارت سَيّارَة الإسعاف مُكتضَّةٌ بالأَكفَانِ بِإتِّجاهِ المَقبَرة،

وَضَعُوا كُلَّ واحدٍ مِنَّا في حُفْرة، عُدت من جديدٍ

لِلعَتْمة، الكثيرُ منَ التُّرَاب فَوْقِي و تَحتِي ، يَمينِي و يَسَارِي، جَاء الإمَام رُفقَةَ

البعضِ من النّاسِ المَفجوعَةِ

أفئِدَتِهم.

تذَكّرتُ أُمّي و أبِي و مَدرستِي التِي لَم أدخُلْها بَعدْ، شَعَرتُ بالتَّعَب مِنَ التَّفكِير بَدَأَتْ الأََصْوات فِي الإِنْخفاضِ شَيْئًا فَشَيئًا و الظَّلامُ أَصبَحَ حَالِكًا أكثرَ فأكثَرْ، تَنَاسقَ حَجمُ الحُفرَةِ مَعَ جَسَدِي شَعرْتُ بِراحَةٍ لَمْ أَشْعُر بِهَا مِن قَبلْ.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى