ط
مسابقة القصة القصيرة

لـُفافة طفل..مسابقة القصة القصيرة بقلم/ محمد مغازي محمد بهنسي من مصر

المشاركة رقم : ـ ( 1 )
الاســــــــــــــــــــــــــــــــــم : ـ محمد مغازي محمد بهنسي
الــجــــنـــــــــــــســــــيـــة : ـ مـصــري
بلد الاقامة الحالية : ـ اليمن
الايــمـــيل ……….. : ـ [email protected]
التليفون في اليمن : ـ 733556532 00967
التليفون في مـصــر : ـ 01061313984 002 ( مصطفى مغازي …. ( الأخ )
نوع وقسم المشاركة : ـ الــقـــصــة الـقــصـــيـــرة
اسم الـمــشـــــاركـــة بــعـنــوان : ـ لـُـفـــافــة طــفـــل

نظر في صمت نحوها … ثم أخفض رأسه ….. وجال ببصره في أرضية السوق ….. يعبث بقدمه في الأرض , وذلك الحذاء الأسود اللامع يجر الرمال جيئة وذهاباً , والأفكار تعبث في رأسه , إنه ينتظر واقفاً في ذلك السوق, فإنه سيأتي بعد قليل , في إحدى اللفائف المعهودة , يدندن ذلك الشاب يهتز من محله قليلاً , ثم يعود كما كان , لايعلم إن كان هذا الملل الذي يعيشه الآن لأنه ينتظر تلك اللفافة أم لشيء آخر , إنه ينظر إلى ساعته الرمادية , ذات العقارب الفضية , إنها ساعة ثمينة أنيقة , تشير لسيدها الثري الأنيق ذو النظرة الصامتة .
ياإلهي لقد تأخرت يحدث بذلك نفسه , يطل عليه عقله ويتأفف من حاله , تلومه أفكاره الآن ؛ برز عليه رأسه يدين هذه الإستكانة , ويشجب هذا التوتر يدعوه لرفع صوته … أن ينادي عليها … فلقد تأخر ….
كم أخبرتك ألا تأتي هنا مرة أخرى , فأنت تعلم ما يحدث لنا …. لقد ظهرت له نفسه بهذا الإندفاع الصامت والتهور الثابت …. لقد اجتمعوا عليه جميعاً ….فلقد بدا ضعفه الآن مرة أخرى, فهو يقف الآن في ذلك السوق , وبين حشود البشر , وأمواج اللحم المتلاطم المغطى بأخف قشور القماش الرديء ….. لا تكاد تستر تلك الأجساد , ورائحتها تبعث على الضيق …. كيف تحملها أصحابها ؟؟ .
هؤلاء البشر يسيرون في حشود غريبة .. أمواج من الأجساد بوجوه هائمة … تائهة تصطدم ببعضها …. وقد اصطدمت به فكان يترنح بينها لذا لا يبدو أنه يهتز فقط من ملله ……. بل لأنه بالكاد يجد مكاناً لقدميه على الأرض ويتثبت بها .. وكأنه يثابر عليها , رغم ذلك مازالت تلك الأمواج تلطمه تدفعه وكأنها لاتريده هنا ولعله قطع سريانها فتعمد لدفعه حتى تقذفه إلى الشاطئ ليبقى بعيداً عن هذه اللجة الغريبة , فمن يدخلها يجب أن يكون من مائها حتى يألفها وتألفه ويسير في تيارها ويذوب داخلها وإلا فإنه غريق لا محالة ….. إنه ينظر لها وجسده الذي يهتز ليس فيه سوى عينيه الثابتتين ترمقانها ثم تنخفضان ….ثم تعودان لتخطفا حظاً من الجمال … وتحتضنا بصيصاً من النور; يطل من هذا المكان …
أنه لا يعرف اسمه ؛ فهو عبارة عن فرن كبير بداخله السمك , وأمامه فرش لأصناف طازجة , تقف على رأسها حورية من بحور العشق … جريئة الجمال …. غضة الفقرات … سليطة البهاء …. عجولة النظرات ….. لا تتحدث كثيراً , تعرف ما يحتاجه الناس , تبيعهم السمك … وكأنها تهديهم حقوقهم في ملكها ….. وهي راضية باسمة دائماً , تعمل في جد …. تبيع وتغسل ….. وتغطي وتشوي …. وتملِّح …. وكل مرة تكرر ذلك الشيء , يحس أنها تضيف شيئاً …
والآن هو ينتظر …. إنه يحب ذلك .. رغم أن عقله يرفض ذلك , إنه يتمنى لو انتظر لآخر الحشد حتى تضيف له كل شيء عندها … اغتاظ عقله من فعله , وصفه بالأبله , نعته بالساذج …. فانتفضت نفسه لتقول له : ـ لماذا أنت هنا …..؟ ! برز عقله : ـ لكي يشتري السمك …!, فردت نفسه : ـ لا بل ليراها,………. قفز قلبه : ـ نعم أود أن أراها …. سأله عقله :ـ أتحبها ….؟ رد قلبه: ـ نعم , فقالت نفسه : ـ إذاً فلتذهب لها…. فرد قلبه : ـ لماذا …؟ ..اندهش عقله : ـ لكي تقول لها أنك تحبها ….. تضعضعت نفسه : ـ لا أستطيع …..
ويل لك يا نفس تجدين مع كل فكرة ولكنك تضعفين مع كل تنفيذ , قالها القلب مكسوراً وهو يخفق بحزن …… عقله يردد عليه : ـ لقد أتيت هنا كثيراً ووقفت أمامها أكثر …. ولقد تشجعت واشتريت السمك وتركتها تشويه لك حتى لا تقف أمامها هكذا بدون سبب ويثير وقوفك ضيقها … أو يبدوعليك ما بداخل قلبك , رد قلبه قائلاً : ـ إنها كانت تنظر لي … وتبتسم … ـ لعلها كانت تنتظر أمرك ,…….. ردت نفسه : ـ لابل تنتظرك …. غضب عقله : ـ لا تعبثي مع قلبه فأنت مهلكة القلوب , ومبعث أشر الخطوب ….. جاشت نفسه بالبكاء ….. تتمايل عليه … فعلى صوتها , برز قلبه تائهاً بينهما لا يستطيع الإصلاح …. فعلا صوت النواح , فانتفضت اعضاؤه : ـ فلتخبرها حالاً بحالك , وأطرح عليها سؤالك …. فرضخ عقله ….. وأقفلت نفسه …… فرفع قدمه ….. ونظر لها فوجد ; أحدهم بجانبها …. رجل غريب عنه … لكنه لا يبدو لها كذلك …… إنه يحمل معه لفافة كبيرة من القماش …. سلمها إياها … تسلمتها بحنان غزير وحب كبير , ثم اتخذت زاوية بجانب الفرن …. احتل الرجل مكانها …
أما هي فقد فتحت جزءاً من اللفافة وكأنها تنتظر هدية عرفتها …. وكم اشتاقت لها , ثم عمدت لصدرها ….. وفتحت أزراره …. وأخرجت ثديها … ثم غطته …. ثم أدلت به إلى اللفافة ……ياإلهي ….!!!
إنها ترضعه تميل إليه وترضعه …. تناجيه وتسمعه …. إنه طفل ….. إنه طفلها , ولكن من ….؟! ……. إنه الرجل الذي احتل مكانها …. إنه زوجها ……..! ?
قدمه معلقة ….. وبصره قد تصلب , خفق قلبه فجأة , ثم ارتعش جسده وزاغ بصره …..ثم اتخذ مساره هارباً ……
لقد تم الشواء ومازالت بائعة السمك تنتظر صاحب اللفافة …….

تـــمــــَّـــــت

تأليف : ـ محمد مغازي محمد بهنسي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى