ط
مسابقة القصة القصيرة

لو غلمتم الغيب ..مسابقة القصة القصيرة بقلم / سماح محمد عبد الحليم من مصر

الاسم/ سماح محمد عبدالحليم

الدولة/ جمهورية مصر العربية
الفئة/ القصة القصيرة

لو علمتم الغيب
مُنذُ ألقاه حظهُ العاثر في طريق تلك العَّرافة، وهو لايكاد يغادر منزله أو يختلط بأحد، لم تنقطع هواجسه حول نبوءتها ولم تتوقف صراعاته النفسية بين التصديق والتكذيب؛ فبعض كلماتِها تناولت حقائق لا تقبل الشك فلما لا تكون صادقة؟ هكذا تساءل في داخله.
شهرٌ كامل مرَّ على ذلك الحوار ولا يزال صدى صوتِ العرَّافة يرنُ في أُذنيه:” نهايتك ستكون داخل سيارة خاصة “، هكذا وبكل سهولة ألقت نبوءتها في وجهه بعدما ضمنَتْ أجر قراءتها لطالعه مُقدمًا بطريقة ماكرة إذ فَطِنَتْ إلى ما سيصيبه من ارتباك إذا أخبرته أولًا.
اقتصرتْ تنقلاتُه على الحافلات العامة ولم يجروء على ركوب التاكسي أو سيارات أصدقائه ومعارفه، أمرضه الحذرُ الشديد وفقد معه راحة البال وصفاء الذهن، توترت علاقاته بأسرته ورفاق العمل حتى كادوا يعدونه مجنونًا، تجنَّبَ الجميعُ الحوارَ معه بسبب ردوده العصبية المقتضبة.
……………………
-متى سيقع الأمر؟!
-قريبًا جدًا يامسكين
– هل تعرفين المكان الذي سأموت بالقرب منه؟
-وهل سيُحدِثُ هذا فارقًا؟!
ارتبكت الإجابة على لسانه فهو يتأرجح بين السخرية من كلماتها والخوف من صدقها.
………………………………
-حتام ستنتحر بهذا القلق على مصيرك؟!
– أيُ قلقٍ هذا الذي تتحدثين عنه؟ أنا لم أصدق تلك العرافة ولا أعير كلماتها أدنى اهتمام.
-ولماذا تغيَّر مزاجك وفقدتُ مرحك وسلوكك الاجتماعي مؤخرًا؟!
– أنا فقط أريد البقاءُ مع أسرتي أطول وقت ممكن فلقد انشغلت عنكم كثيرًا في الآونة الأخيرة.
-أنت معنا بجسدك فقط يا عزيزي، ألا تلاحظ طول فترات شرودك وصمتك المستفز؟
…………………………………..
-ياله من زحامٍ شديد وجوٍ خانق!، متى سننزل من علبة السردين هذه؟
-ابتعد قليلًا لو سمحت؛ضلوعي تكاد تتداخل من شدة ضغطك عليها.
-وهل وجدتُ مكانًا فسيحًا وفضَّلتُ استنشاق رائحة عرقك الكريهة يا رجل؟
-بل أنفاسك النتنة تصيبني بالغثيان أيها المتبجح، أشح بوجهك بعيدًا فأنا أكادُ أختنق.
-لتختنق إذَا فأنا لن أغير من وضعية جسدي بعد كلماتك الوقحة تلك.
جلبةٌ وصراخ يجتاحانِ الحافلة بعد أن اشتبك الرجلان بالأيدي وتبادلا اللكمات بقدر ما أتاحته المساحات الضيقة بين الأجساد .
أوقف السائق الحافلة بطريقة حادة، وأمر كلا الراكبين بالنزول واستكمال عراكهما بالشارع بعدما عجز عن تهدئتهما.
أصبحت مساحة الحركة أوسع؛ مما أتاح لصاحب الأنفاس النتنة سحب مطواة حادة من جيبه وغرسها بقلب صاحب العرق الكريه، والفرار بأقصى سرعة، بينما انقسم المارة بين متجمهرين يحاولون إسعاف الرجل، وإيقاف سيارة لحمله للمشفى وفريقٌ آخر يُطارد القاتل.
على المقعد الخلفي من سيارة أحدهم تسربت الحياة من جسدٍ مسجيّ وتسربت معها الدهشة من عقل صاحب الجسد الذي ظل يركب الحافلة كي يتجنب موته في سيارة خاصة.
تمت

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى