ط
مسابقة القصة القصيرة

مفترق طرق .مسابقة القصة القصيرة بقلم / كريم دزيرى من الجزائر

السن : 29 سنة
موبايل 213697357205+
الدولة:الجزائر
القسم : قصة قصيرة
وسيلة الاتصال: [email protected]
العنوان (مفترق طرق)
******************************
سافرت كفها عبر سلال زادها ، لم تجد سوى رغيفاً واحداً من الخبز، مدته لوليدها ، نظر في وجهها نظرة رحمة له و اشفاق وايثار، فبادلها النظرة ،وقسم الرغيف نصفين ، اعطاها احد النصفين ، اعادته اليه متظاهرة بالشبع، تكورت على نفسها محاولة ان تنام لكن وجدانها لم يرضخ لها وينام!
عدلت من وضعيتها واتكأت تصغي بتمعن لكل الهلوسات التي تحاول السيطرة على أفكارها البسيطة… حملقت في حزن وأسى لما تبقى من أثاث الكوخ القديم… لذكرياته الكثيرة، وصرخاته الحزينة… لعشها الأسري الذي تلاشى مع تتابع نكبات الدهر وبناته التي المت بها…
اتكأت وقد تواثبت الذكريات عليها, تأكل عقلها وقلبها, وكلها…على امل الاستيقاظ باكرا، لكي تحمل سلال زادها الفارغة كاخر مابقي لها مما يصلح للبيع في كوخها وتتوجه بها الى سوق الخردة المجاور لقريتها، من اجل بيعها بما يوفر لها بضع ارغفة من الخبز، تكسب بهم يوما اخر يمنعانها من مغبة الرضوخ لضغوط الجوع، التي تحاول دفعها للتخلي عن اخر مابقي لها من كرامة و اراقة ماء وجهها ، بتوجهها الى تسول لقمة عيشها من ابناء قريتها، الذين تعلم في خلدها ان حال اكثرهم ليس احسن من حالها…،ابناء قريتها الذين لا بد وانهم لم ينسوا افضال زوجها المرحوم (سي حسين)، الذي تحس بأشياء كثيرة لم تستشعر مرارتها الا في غيابه، تتمنى لو كان ماتمر به مجرد كابوس ينتهي بعودة زوجها وحديثها اليه عن الحزن والبؤس الذي يسكنها بعد رحيله، عن الصباحات البائسة بدونه ، زوجها الذي كان لها ركن البيت وعماده كما كان للكثيرين من ابناء قريته بمثابة جدران الخير التي يلجأ إليها المفجوعون منهم ، والذي كان يشتغل سائق سيارة اجرة ….،يلبي نداء جميع من يحتاج الى خدماته او مساعدته لنقله الى المدينة المجاورة لقريته في كل وقت وبمقابل او دون مقابل..واصبح مجرد فقد وحنين وفراغ لا يملأه أحد سواه…
(لالة حيزية) تفكر ان ابناء قريتها لا بد وانهم يذكرون زوجها (سي حسين)،الذي أغتالته ايدي الارهاب بينما كان ينقل (نوال) احدى زوجات جيرانه الى المستشفى من اجل وضع حملها…،قبل ان يباغته حاجز مزيف نصبته جماعة تطلق على نفسها(انصار الدين)..،واغتاله امير الجماعة نفسها،عندما كان يحاول منعه من اختطاف زوجة جاره (سي رشيد) المنتمي الى صفوف الجيش بحجة انه مرتد عن الدين ….، أمير هذه الجماعة الذي و برصاصتين اطلقهما في قلب زوجها، قطع عنها أشجار الحياة ، و زرع في نفسها بهذا الفعل الجبان نبتة البؤس التي تهيج ، متكفلة الحياة باقامة سياجا لحمايتها ، لتوغل في النمو ،وتترامى جذورها ، و تطول فروعها ، لتطفح بثمرة الشيطان ، و هاهي الآن تهدم فيها بقايا الإنسان …،
كيف لايكون كذلك وهاهي (لالة حيزية )،تفكر ان تلجأ الى التسول من اجل اطعام وليدها (شاكر) ابن الثالثة عشر من العمر، ودفعه الى اكمال دراسته..تسر لنفسها بأن هذا مايمكن ان تمنع به ابنها من تنفيذ مخططه الذي اسر لها به..صديقه(حسام ) في الصباح، عندما اخبرها ان ابنها (شاكر) يفكر بتطليق مقاعد الدراسة ،والتوجه الى احدى حقول أعيان قريتهم من اجل العمل لديه كأجير يومي ..،مقابل دنانير يمسح بها بعض معالم البؤس عن والدته …..،ويجنبها التسول او الاستماع الى اقتراح ( مدام نورة)، التي جاءتها قبل ايام من المدينة لتنقل لها رسالة اخرى ومكررة من (سليمان) المالك لملهى ليلي في المدينة ،والذي قالت لها انه يدعوها من اجل العمل لديه كراقصة…كل هذه الأفكار تنبت في حلق (لالة حيزية )غصة ،كيف لا وهي التي كانت قبل وفاة زوجا ،دارها مفتوحة لكل من ضاقت به السبل ….،وهاهي الأن مجبرة على ان تلجأ الى احد الخيارات التي تعلم ان احلاها سيورث تصدعا اخر في جدار روحها الممزقة…،يصعب ترميمه ، واصعب خياراتها على الاطلاق الموافقة على عرض (سليمان ) لأنه من النوع الذي يورث ذبحة في صدرها، ولوعة في صدر ابنها سي شاكر وكل افراد قريتها ….،الذين يعتزون بالشرف رغم بؤس حالهم..
لكن مالذي بيدها فعله لتنقذ به نفسها ،وهي الواقفة على مفترق طرق من حياتها ،مجبرة على ان تختار خيارا واحدا من ثلاثة خيارات ، كلها بائسة من اجل مواجهة قساوة الحياة ، و اطعام فرصتها الوحيدة، للانتصارعلى الجوع والبؤس في مستقبلها ومستقبله…..
مالت (لالة حيزية) وبسطت جسمها على فراشها المكون من حصيرة بالية ، تتقلب مثلها مثل من ينام على الشوك ،والتنهيدات تتوالى من صدرها كلفحات من جهنم ، تعود بها كلها الى نقطة البداية ،
تتوقف عن التنهد في اللحظة التي خنقتها فيها العبرة فسقطت دمعة حارة على خدها ..تعقبها كلمة ( يا الله )، الله الذي يدبر من فوق السماء المقاديربحكمته….فهل سيتواصل ابتلاءه للالة حيزية ووليدها (شاكر)، ام ان له رأي اخر ينسج في الغيب لا يعلمه سواه….هذا ماتعلمه لالة حيزية بل ربما هذا مايدفعها للصبر ومواجهة صعاب الحياة… في انتظار الفرج الذي سيضع حدا لبنات الدهر التي ما فتئت تصيبها ،منذ ما ارتكبته ايدي الارهاب في حقها وحق زوجها ،و(نوال) زوجة جاره (سي رشيد) ،ووليدها الذي قتلوه وهو مايزال بعد في احشاء امه…
أغمضت (لالة حيزية)عينها……أخذتها اوجاعها الى عالم آخر…ولم تستيقظ إلا حين ارتعشت فرائص جسدها بردا… لتجد الفجر قد لاح بانواره كاشفا بها افواج الظلام.. ناثرا صياح الديكة في القرية هنا وهناك..ادارت وجهها فوجدت بجانبها ،نصف رغيف، بينما ابنها (شاكر) ما زال يغط في نوم عميق.
هوامش___________
*************************
_ قارئي الكريم ،رغم ان احداث هذه القصة قريبة من واقعنا وتتشابه معه في حيثياته الذي نعيشه الا انها وشخصياتها من نسج خيال الكاتب ووحيه ولا علاقة لها بالواقع بالرغم من امكانية ان تتشابه معها او ان تتطابق حيثياتها مع احداث اي قصة واقعية في نقطة ما على هذه الأرض…
بقلم كريم دزيري

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى