ط
مسابقة القصة

ملخص رواية : الظلال . مسابقة الرواية بقلم / سعيد رمضان علي .. مصر

الاسم :   سعيد رمضان علي

الدولة :    مصر    

الهاتف:   01022257266

واتساب   01286880172

[email protected]     

رابط الصفحة على الفيسبوك

https://www.facebook.com/profile.php?id=100087909498265

 

  مجال المشاركة:  الرواية

 عنوان الرواية :  الظلال

 

تجري أحداث الرواية بداية من احتلال سيناء عام 1967، وتحكي عن قصص بطولية لجنود  مصريين ومدنيين من أهل سيناء تضامنوا معا للنضال ضد الاحتلال.

الرواية التي شغلت مساحة زمنية عدة سنوات تبحر في جبال وتلال ووديان سيناء، وأثناء تصويرها لحياة البادية، تتناول حياة أهل سيناء وعاداتهم وتقاليدهم. كما تتبع الحياة الاجتماعية لبعض الجنود  من أهل وادي النيل.

تركز الرواية  على أهمية هوية المكان بمحمولاته الجمالية والرمزية، وأبعاده التشكيلية، وربط  النضال بالتاريخ والتراث، فلا تتحقق المقاومة دون ذاكرة، ولا وجود لذاكرة بلا هوية خالية من التشقق والتشرذم، بعيدا عن الأزمات والأحلام المكسورة.

 

  • الأحداث والشخصيات:

 

في اليوم الأول من العدوان، يتلقى الجندي منصور ابن الريف صدمته مع تدمير مطار وادي المليز بوسط سيناء، واستشهاد بعض زملائه، ومنهم الطيار جودة بفعل قنبلة سقطت على طائرته أثناء محاولته الطيران بها للتصدي للطائرات المغيرة، وبأوامر من القائد يرافق منصور الجنود الجرحى في سيارة النقل المكشوفة باتجاه نقطة الأخلاء، لكنه يجد نفسه محاصرا مع الجرحى بالدبابات في مكان ما بالصحراء، يرفض الجنود الاستسلام ويقررون الصمود والمقاومة، بعد معركة يستشهد فيها أغلب الجرحى، يجد منصور نفسه وحيدا ضائعا لعدة أيام وسط الصحراء بلا طعام ولا ماء، يلمح في ظلمة الليل نارا مشتعلة على تل، وبصعوبة يتجه ناحيتها ، يقابل حسان البدوي الذي يطمئنه ويقرر مساعدته  لإخراجه من سيناء ليصل للبر الغربي، وفي أغلب مراحل رحلة  منصور مع حسان في الصحراء، تراوده كوابيس الموت والدمار، ويظل متشوقا للخروج من سيناء والعودة لقريته المسالمة، وهو يفكر في أخته الصغيرة وأمه والسلام على أرضه بجوار نهر النيل، خلال مراحل الرحلة يساهم في إنقاذ جنود آخرين، وفيما يصارع الأحداث التي  تضغط عليه،  يتأجج بداخله صراع مع نفسه، ينتهي بالعدول عن قرار الخروج، ويفضل البقاء في سيناء ليشكل مع حسان وآخرون نواه المقاومة، فهل سيستشهد في سيناء؟  أم سيعود يوما  لأحضان أهله؟

 حسان الشاب البدوي ابن الصحراء، يعيش وحده بسلام متجولا حرا  في  ذاته،  وفي صحرائه، ترافقه ناقته العيساء التي يرتبط  بها بوثاق أقوى من وثاق النسب، يملك خباء كرمز لوجوده في الصحراء، وكشاهد  على حريته، خباء لا يسكنه.. فحياته وأسراره كلها تجري خارجة، حيث يمكنه رؤية  السماء الزرقاء والتلال والوديان، ونجوم الليل التي ترشده في دروبه، وتذكره بالتجوال والحرية بأعماق النقاء، يتلقى حسان صدمة تعكير الصفاء والبراءة بالقتل والدمار، فيجد نفسه برفقة ناقته وسط الصحراء  يبحث عن الجنود التائهين، ليبدأ عمليات الإنقاذ في رحلات صعبة وعرة في التلال والوديان، بعيدا عن الطرق المنبسطة والممهدة، متجنبا دوريات الاحتلال، ومسترشدا بالنجوم يتجه بالجنود المصريين إلى منطقة آمنة قرب قناة السويس، ويعمل على تأمين مركب ينقلهم للبر الغربي، وعندما يقرر بعض الجنود  الصمود في سيناء وعدم مغادرتها، يبدأ معهم في تشكيل نواة المقاومة من الجنود المصريين والبدو، لقطع خطوط الإمدادات ومهاجمة معسكرات الاحتلال لتخليص الجنود الأسرى، ونقل المصابين لمعالجتهم في مخيم بدا في ظاهره مخيم بدو رحل بمنطقة وعرة بوسط سيناء،  يقع صديقه سلطان  في يد قوات الاحتلال فيضع  مع الرجال خطة لتحريره ، وعندها يتلقى رصاصة  لكنه لا يتوقف ويطلب من الرجال الاستمرار، وهو يستنشق بعمق رائحة البراري! وفيما نظرات الرجال القلقة وهم على ظهور الإبل لا تفارقه، كان يعتمل في نفوسهم المضطربة شيء واحد: هل سيفقدونه؟

سلطان يترك دار العائلة وهدفه الأردن أثر صفعة ببيت والده من أحد جنود الاحتلال، يعدل مضطر عن خط سيرة بسبب ابنة عمه، لكنه يرفض أي أعمال للمقاومة ويرفع راية الاستسلام، يدخل في خلاف مستمر مع حسان، ويحنق عليه بسبب ابنه عمه سلمي التي يحبها ويريد الزواج منها، لكنه يدخل في صدام معها، ومع أمه لموقفه المتخاذل وضعفه وتفضيله الانسحاب على أعمال النضال، يجد سلطان نفسه وحيدا، فيترك معسكر المقاومة هائجا يملؤه السخط متجها إلى الأردن، وفي هياجه لم يفطن للطريق فينحرف عنه ليجد نفسه في أحضان دورية  إسرائيلية، تأسره وتنقله إلى بيت على حدود غزة تم تحويله إلى سجن، يحدث  نفسه وهو  في أعماق الظلام : ” كيف أصبح مقيد الحرية في زنزانة؟ ثقلت وطأة السؤال عليه أكثر فأكثر، وكأن كل ما استحضره السؤال كان حاضرا، وكل كلمة منه رنت بشكل مأساوي ساخر، ولأول مرة ألفى نفسه وجها لوجه لا إزاء الكفاح، وإنما أمام الهروب، يتذكر أنه وجد عالم النضال الذي تحرك فيه حسان خانقا للأنفاس، لكنه يشعر الآن أن حضور حسان، ولو عبر الذاكرة فقط  يشيع الحياة في الحياة! ولقد ارتمى هو في عالم مختلف بعيداً عنه، بعيداً عن سلمى، وأهله، ولن يخرج منه أبداً، وقادته  حياة الهروب ليدخل زنزانة، ولن ينقضي وقت حتى يؤخذ ليصفع من جديد بأسوأ مما صفع ببيت والده، غير التعذيب الذي سيناله”

ينتابه الندم الذي يمنحه الصمود، فيرفض الاعتراف بمكان معسكر المقاومة أو بأسماء الرجال ويتجنب الإغراءات التي عرضت عليه من ضابط الاحتلال لارتكاب الخيانة، يتشوق وهو في عذابه إلى ابنة عمه سلمي، وللعودة إلى صديقة حسان والانضمام إلى رجال المقاومة، وعندما يتم تخليصه من السجن بعملية جريئة من الرجال، يشعر بالذنب والضياع فصديقه ركب المخاطر وتلقي رصاصة من أجله، لم يستطع البقاء, وللمرة الثانية يبتعد عن الجميع، يواجه هذه المرة عاصفة رملية تطيح به إلى أرض التيه، وهي مساحة مهولة من الكثبان الرملية لا يعرف لها مخرج، يقترب منه الموت بسبب لهيب الشمس والعطش؛ يدخل في غيبوبة، وبعد فترة حمى وهلوسات يستيقظ فيجد نفسه في خباء وأمامه بدوية  تعالجه وتطعمه ، وتمضي الأيام ويتحسن، يجلس في الأمسيات مع البدوية  يسمع منها  الحكايات، والأشعار، فتربطه بتاريخه وتراثه.

 في هذا المكان المنعزل عن الدنيا ترن في ذهنه الأسئلة: هل يعود؟ ولو عاد كيف سيتصرف من أجل أن يصبح قرب سلمي كما كان؟ وأهل المخيم كيف ستكون علاقته بهم؟ هل سيحمل معهم راية النضال؟

سلمي التي يستشهد والدها وهو يحمى دارة  محتضن غصن الزيتون،  تنتقل مع أمها إلى دار قريبة من دار ابن عمها سلطان برفح، وبسبب تجربتها مع موت والدها ومعارفها فهواجس الموت ترافقها كل خطوة، تذهب مع أمها إلي دار سلطان بدعوة من أمه، وأثناء سمر العائلتين مع بعضهما يهجم جنود الاحتلال على الدار بحجة تفتيشها للبحث عن رجال المقاومة، يعترض سلطان على تفتيش النساء فيصفعه ضابط الاحتلال ويطلب منه عدم التدخل، يؤدى تصرفات جنود الاحتلال إلى موافقة سلمي هي وأمها على الهجرة مع سلطان إلى الأردن ، كما توافق والدته رغما عنها بينما يرفض والده، ويفضل البقاء في أرضه، وفي الطريق يمرون على خباء حسان، يدور بينهم نقاش حول الأوضاع، وتعرف سلمي لأول مرة أن حسان شكل مجموعة  تقطع  الإمدادات  عن معسكرات الاحتلال،    وتخليص الأسرى، تقارن بين موقف حسان وموقف  سلطان، على أثره يبدأ الرفض بداخلها ضد الهروب، ويتصاعد الرفض ليرسم شخصيتها الحقيقية،

يؤسس الرفض علاقتها بنفسها أولا، ثم بالشخصيات  التي حولها،  فتعدل عن الذهاب إلى الأردن وتقرر البقاء مع حسان لمساعدة الجرحى في المخيم، وبالمخيم تتألم بسبب معاناة الجرحى، وندرة الأدوية، تتحمل وتكافح للتغلب على الموت، يعذبها بشكل أكبر موقف سلطان من صديقه حسان والتشكيك  في دوافعه، وعندما يختفي سلطان للمرة الثانية، ويعود  قصاصو الأثر  الباحثين عنه بلا طائل.. تشعر بالألم  وتسأل “هل مات واندثر، أم لا زال في الحياة؟”

الجندي حامد يحب جارته زكية راعية الغنم في بلده بالصعيد، ويريد الزواج منها،    يصارح والده برغبته فينقلب عليه أبوه ويؤكد له أن زكية غازية في الموالد ولا تستحق الزواج، وعندما يشتكي لوالدته، ولا يصدق أن جارته راعية الغنم راقصة في الموالد، تصفعه أمه صفعة رهيبة لأنه يشك في كلام والده، لكن أباه يخدعه ، ويتزوج زكية فوق أمه لتكون العروس الجديدة التي أصبحت تتمايل أمامه وهي بحضن والده، أو تغنى في الحمام بدلال أثناء الاستحمام، بينما أمه أمام الفرن الطيني تجهز لهما الطعام بصمت… يحمل حامد معه إلى سيناء السخط على والده، وفي سيناء يتدمر موقعه ويقتل رفاقه، فينطلق هائما وسط الصحراء، وقد تحول السخط إلى غضب عنيف عارم يحمل كل معاني التدمير، يقابل حسان ومنصور، يتعرض في الرحلة  معهما إلى صراع نفسي عنيف،  يرفض  على أثره الخروج من سيناء، وينضم لهما ليقوم بالأعمال الفدائية، لكن غضبه العميق ينعكس أثره على تصرفاته، فيتحول إلى رجل بلا قلب في تعامله مع العدو، يود القتل بأبشع طريقة ممكنة، لكن حسان بإنسانيته العميقة بجواره يمنعه من إخراج الشر الشنيع الكامن بداخله، ويعيده إلى مشاعره الإنسانية.

تتقاطع معهم حياة عدد من الشخصيات الأخرى:

طحنون وهزاع رفقة عمر، وقصاصي أثر، يختلفان لأتفه الأسباب، ويتنافسان في سباق الهجن أكثر من مرة وسط الصحراء، ويسخر كل منهما من الآخر، وكلاهما يهيم ببعيره ويرتبط به برباط وثيق، يستشهد هزاع في إحدى الغارات، وفي سكرات الموت تكون وصيته الوحيدة لصديقه طحنون العناية ببعيره، لكن صديقه لا يصدق بموته رغم إنه لفظ  أنفاسه الأخيرة  على صدره، وبمرور الوقت يمر بتأثير الفقد.. اختفـاء صوت صديقه هزاع..  صراخه وعناده، حينها عرف أن هناك تغيرا، عندما ضغط عليه هذا النمط من الوحشة مع اختفاء رفيق عمره، فيذهب عقله، ويمتطي بعيره ومعه بعير هزاع، ويختفي في الصحراء  باحث عن صديقه الذي مات.

أم سلطان، يفرح قلبها بالتقارب بين ولدها وسلمي وقصة الحب التي تنشأ بينهما، وتهاجم الجندي الإسرائيلي الذي صفع ولدها، هجوما عاصفا، ثم تجد نفسها في حيرة بين البقاء مع زوجها بسيناء أو الهجرة مع ولدها للأردن، لكنها بضغط من زوجها  توافق على السفر مع ولدهما الوحيد لرعايته، وعندما يتغير الاتجاه نتيجة لموقف سلمي وتذهب مع الجميع للمخيم، تنقلب على ولدها سلطان وتحتد معه بعنف لأنه تسبب بالأذى لسلمي، وتتهمه بالجبن والخوف لأنه لا يفعل شيئا من أجل بلده.

 الشيخ غانم – والد سلطان-  الذي ولد في يوم ما لا يعرفه، ولا يعرف بالتحديد عمره، يرفض مغادرة داره  ويصر على الصمود، ويساعد رجال المقاومة، يتهم ابنه بالجبن والتخاذل لرفضه الأعمال الفدائية، وعندما يقبض على ابنه سلطان ينتقل إلى المخيم بطلب من حسان خوفا عليه.

أم سلمي الشخصية البسيطة التي لا تعرف عن يقين ما يجرى حولها، ولماذا العدوان وهدم البيوت وقتل الناس، تعيش حياتها بعد استشهاد زوجها من أجل ابنتها، تفرح هي أيضا بالتقارب بين سلطان وسلمي… ويطير قلبها خوفا عليها.

على الجانب الآخر يتلقى الضابط الإسرائيلي صدمته بأوروبا وهو صبي بسبب كراهية الناس لليهود هناك، فيهاجر مع المهاجرين اليهود إلى فلسطين المحتلة حامل كراهيته العميقة للجنس البشري، وفي فلسطين يطلق كراهيته كوحش هائج فيقتل ويدمر من خلال عمله في جيش الاحتلال، إيمانه الوحيد هو دمار الأعداء ومحوهم، يطارد الفدائيين ويطلق عليهم “الأشباح” لقدرتهم على الاختفاء السريع في صحراء سيناء، يعذب سلطان في السجن.. ويدخل في مواجهة أعصاب باردة مع حامد… ينتهي بإطلاق النار على حامد ومن معه أثناء هروبهم.

 

  • الشخصيات والمكان

 

تتفاعل كل هذه الشخصيات وتندمج وتتأثر بالصحراء، التي تتجلى في الرواية كفضاء ثرى متسع غير محدود، يشكل أسلوب المعيشة، وطرق النضال، ويعبر عن حكاية الصراع الأزلي للإنسان مع الطبيعة القاسية، وامتزاجهم بها، وتحول العلاقة بينهما إلى علاقة عشق صافية تتميز بالبساطة والقناعة، كما تعكس الصحراء اليقين بالمصير، ونفسية الشخصيات وأفكارها، وَرُؤْيَتهَا للكون والحياة، فسلمي التي تنتابها هواجس الموت والخوف في الأماكن المغلقة كالدار، تزول ما ينتابها  من هواجس، مع خطواتها على الرمال في الأماكن المفتوحة:

“… لكن كل شيء زال، أثناء سيرهما معا إلى بيت عائلة الشيخ غانم، كانت الرمال تستقبل أقدامهما بحنو بالغ، بينما الريح تداعب بخفة ثيابهما، وفي الهواء سبحت بعذوبة أنغام يعزفها راع من مكان ما، أشرق وجه سلمى، وقد شعرت بدفء عجيب يتسلل إلى أعماق قلبها، على إثرها تخلت عن أي إحساس بجسدها، عن أي ألم أو قلق، وحلقت مع النسمات، وخفقات أجنحة الطيور، وتمايل فروع أشجار النخيل المترددة، كقيثارة تعزف أنغاماً متكررة لكن برشاقة، شعرت وأطراف ثوبها تتطاير بفعل الريح، كأنها تبحر نحو مجهول باتجاه أفق مغاير في بحر بلا شواطئ ولا أزمنة، نظرت إلى أمها وقد انبسطت أساريرها، فجاوبتها الأم بابتسامة حانية.”

أما حسان فيرتبط عنده المكان بالتاريخ والتراث والحرية، لذا فهو مكان لا يمكن التفريط فيه، ويستحق النضال من أجله:

(… هل نحن أيتام نبحث عن ملجأ؟ هل حياتنا خيال يعبر فوق سيناء ولا يترك أثرا؟  هذا المكان بيتنا، ركننا الأول، عشقنا الأول، ودهشتنا الأولي.. وكما هذا البيت حفظنا من التشرذم.. فعلينا أن نحميه من العواصف التي تحيق به، ونحفظه  من عداوة البشر.. انظر لهذا المكان الجليل، كل جزء، كل سفح تلة، كل وادٍ، كل مكان هنا، جرت فوقه أيام سعادة وحزن طواها الزمان، الثرى يحتضن بحب عظام أسلافنا، أما الحرية فهي إرثهم، نقشوها  فوق هذه البراري  بأرواحهم، وعندما نتوقف عن النضال من أجل نشدان الحرية، نكون قد توقفنا عن الحياة، وخنقنا روحنا..)

بينما يعكس المكان الأحداث الأليمة التي مرت بمنصور.. ومعها مشاعره وهواجسه:

(..ومع الشحوب الأخير للشمس، كان باستطاعته أن يرى التموّج الذهبي الرائع للرمال، حيث اِنْطَوَتْ على نفسها آلاف المرات بفعل الريح، وكانت الكثبان الهلالية تلقى ظِلَالاً عرضية في الوديان، وبدت كأرواح عملاقة جالسة على عروشهما لحراسة الصحراء، لم يكن بوسعه أن ينكر أن الصحراء تتحلّى بجمال من نوع غير مألوف أقرب للوحشية، إنها تشعره بالقشعريرة، وكان يرتجف من مجرّد فكرة أن يتوه فيها مرة أخرى، لقد وجدها مكاناً كئيباً موحشاً، لا يتحرّك فيها شيء غير الرّياح والرمال الخرساء، هنا كل ظلّ يظهر كوحش، وكل صوت يبدو كصوت ذئب جائع! ثمّ شيء ما في تلك الصحراء؛ ينتزعه من ثقته بنفسه، ينتزعه من وجوده الطبيعي، ويلقي به في وحشة مظلمة بأعماقه، فيجد نفسه في حالة ذعر مرعبة، يحاول الفرار من الرعب، لكن الرعب يطارده، ومعه قطيع كامل من الوحوش الخفية، وفيما هو يقاوم أحاسيسه المرعبة التي تنذر بالتهامه، حدّق إلى حسان كأنه طوق نجاه..)

حامد ابن الصعيد  الذي يشعره أهله كل لحظة من حياته بتدني قيمته، يرى في المكان شيئا مختلفا عن بيئته:

(..وعلى امتداد ذلك الطريق بأعماق سيناء تطل الروابي والتلال، وهي تنهض حتى تلامس بحنان خط السماء… كانت دائما ناهضة ومنتصبة، وسط صحراء تمتد وتستقبل في قلبها الحياة… سرح حامد بفكره في تلك الصحراء المترامية، حيث يعيش الناس في بساطة… حتى الفقير يمكن أن يجد فيها غناه… كأنه يستسقي قناعته من نبع لا ينضب ماؤه.)

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى