مشاركة الاستادة:رشيدة عثماني
خنشلة/الجزائر
الهاتف:00213663491819
البريد الالكتروني:[email protected]
مسابقة القصة القصيرة بعنوان: نسمة خريف
أنْ تخشى على شيء تراهٌ ثميناً,وتستعينَ بالسِرِ والكتمانِ على أملِ أن يتحقق,كان هذا حِرصها,كان حتى حينَ يبعثُ إليها بصورهِ كانت تَمسحُها على الفور من هاتفِها خوفاً من فقدانهِ,كانت تكتفي بالاحتفاظِ بهم في قلبِها,عينيها و ذاكرتِها . باختصارٍ كان هذا سِرها منذٌ ثلاثِ سنواتٍ.حتى قررا أن وقتَ اللًّقاء قد أتى.ركبتْ الطائرة رغم خوفها الشديد ,بالرغم من أن رَحلاتِها السابقة لم تتعدى حٌدودَ بلدها.جلست قرب النافدة وهي تنظر الى السماء حاملة معها امنياتها علها تكون اقربُ الى ربِ السماء.تذكرت كيف اختلقت ألف روايةٍ حتى تلاحق احساسها.فمهما كان وصفها مغامرةٌ او مخاطرةٌ فهي تستحق العناء.تنهدت في نفسها :عجبا لكلمة من حرفين كيفَ لها ان تتحكم فينا.كيفَ لها ان تقلبَ المفاهيم والمبادئ كيفَ لهاتِه الكلِمة ان تشُق طريقها أن تفرضَ رأيها دون ان تكون لنا اي سلطةٍ عليها…تبسمت لأنها اخيرا ستلتقيه وتنظر في عينيه وتقولها ..أُحبكَ بكل اللهجات.أُحبكَ بقدر المسافاتِ.أحبك بقدر ساعات الانتظار.أحبكَ بقدر الألفِ يومٍ من الثلاث سنوات .أحبكَ وفقط.حطت الطائرة وحطت رجليها فيكي يا مصرُ مرددةً ادخلوها بسلامٍ امنين.ركبتْ التاكسي باتجاه الفندق وكانتِ الساعةُ قد تجاوزت السابعةَ مساءاً,صوت آذان العِشاء وكأنها تسمعهُ لأول مرة أصواتٌ جعلت عينيها تُملأ بالدموع خشوعاً واطمئناناً وكأنها لم تسمع صوتا مثله.كان الجوُ رائعاً دافئ بقدر دفء قلبها.كانت بداياتُ خريف أواخر شهرِ سبتمبر.نسماتٌ هادئةٌ تداعبُ وجنتيها تدخلُ من نافدة التاكسي حاملةً معها رائحةً كانت جازمة أنها رائحةٌ النيلِ رغمَ انها لا تعرفها استنشقتها وكأنها أعادتْ لها الحياة بل أحستْ أنها في كل مرةٍ استنشقت فيها تلك النسماتْ كانت تولدُ من جديد.أصواتُ الناس,سياراتُ التكتك ودخانُها,زحمةُ السيرِ كل هذا لم يزعجها بل تمنت لو أن الطريقَ لا تنتهي,شَّد نظرُها ضحكاتُ الناس والابتساماتُ المرسومة على وجوهِهم رغم قسوةِ الحياة تأملتهم وأدركتْ حينها أن خفةَ الدمِ هذه كانت هدية الله لهؤلاء البسطاء,انتبهتْ على صوتِ صاحب التاكسي يسألها أيُ طريقٍ يسلك المحور او الدائري …ضَحكتْ فهي لا تعرفُ غير أنها في القاهرة…انتبه للهجتِها وسألها عن بلدِها…ابتسمَ حين قالتْ الجزائر وراحَ يستذكرُ تاريخ شعبِها كان حوارًا رائعًا بينهما جعلها تشعر بالأمانِ.وصلتْ الفندق بسلام.لقد اتصل هذا ما اخبروها هناك يسألُ عن وصولها أحستْ بخوفِه عليها .فرحت باهتمامه.بالرغم من انها لم تعتد النوم في غرفةٍ لوحدها فقد نامت و كانت ليلة هادئة وها قد أتى الصباحُ وآن اللقاء.وقفتْ أمامهُ وهي لا تصدق نفسها,أخيرا ها هو لا تفصِلهما المسافات ولا تربطُهما الانترنت,الآن باستطاعتها أن تلمسهُ,أن تهمسَ في أذنيهِ كل كلماتِ الغزل التي اعتادت أن تكتبها.نظرتْ إليه قائلةً بحياء “هذه أنا كما في الصورة”.”بل احلى بكثير من الصورة “رد قائلاَ.تعالي قالها وأخذَها في حضنِه ضَّمها إلى صدرهِ شيءٌ ما يحدثُ هنا بين ذراعيهِ , نسيتْ في حضنه نفسها, هُويتها مَوطنها ها قد فعل الخريفُ بذكرياتِها ما يفعله بأوراقِ الشجرْ…كلُ ما بداخِلها قد تَبعثرْ وعلى الأرضِ نُثِرْ…ما عادَ السيرُ في أزقةِ العاصمة يستهويها , ما عادت أغاني الشعبي والرَّاي تُطربُها,لم يعدْ قسمًا ولا دماءُ الشهداءِ التي تجري في عُروقها تُغريها بالبقاء,ما عاد الأخضرُ لونُها بات الأحمرُ عِشقها ,لم تعدْ أرضُكِ يا جزائرُ أرضَها.لقد وجدت نفسها,اصبَحت رُوحَه رُوحَها وقلبُه مَوطِنها .يا لسِحرِ هذا النيلِ و ما فعلْ؟ ارتوت تلك الاحلامِ الذابلةِ وقد تُزهرْ,ذاك الوجَعُ والكَسرُ قد جُّبِرْ.حُضنَهُ جعلَ قلبها يُبصرْ لقد عشقتْهُ هو أجلْ وتَعشقُكِ اللآنَ انت يا مِصرْ.