ط
الشعر والأدب

نيرفانا.. وخشوع .قصة قصيرة بقلم القاص / عصام سعد حامد

قالوا.. إنه الأكثر تأثيراً.., أنصفوه حين صنفوه عالمياً. كأحد أعظم عشرة روحانيين, ذلك لقضائه ثلاثين عاماً, فيما بين كهوف, مغارات, صوامع, مدارس الهند والصين واليابان.. متعلماً, دارساً لكافة فنون اليوجا, التأمل, العلوم الروحانية على أيدي أباطرتها, تم إجازته مرات.. ليكن معلماً نورانياً.. اتجه للغرب, افتتح معهداً تعليمياً.. يصدر شهادات لخريجيه. تمكنهم من تعليم هذه الفنون, أصبح اسمه.. كأينشتاين في الفيزياء, أديسون في الكهرباء, حواء في النساء..

التقيت به, أنا في رحلتي.. لدراساتي العليا في علم النفس, دار بيننا الحديث, الذي لا بد منه.., راقتني الفكرة.., لأجمع بين فنون الشرق, علوم الغرب, أضمن مصدراً جيداً للعمل, لا وجود له في بلادنا.. حصلت على عنوانه, لازمته ثلاث سنوات, علمني الكثير.., حتى أبلغني.. بأنه لا يمتلك المزيد.., بمنحي أعلى تدريب في اليوجا والتأمل, هو المستوى الثامن ( النيرفانا). سلمني شهادة بذلك, أصبحت معلماً منذ اللحظة, سألته:

ــ وماذا بعد النيرفانا؟

ــ.. هي النهاية, بها تحصل على مجدك, سلامك الروحي مع نفسك, الطبيعة, العالم, الكون،..

أصابتني كلماته بخيبة أمل, كأنه ضللني بإرادتي, بمقابل مادي.. دفعته برغبتي.., اعتزلته ثلاثة أشهر, مفكراً فيما تعلمت, ازدحمت به خلايا عقلي.., أقنعت به خاطري, برمجت عليه شعوري, كياني.., صراحتي مع نفسي. أبت التسليم للأوهام, رفضتها فطرتي.., بصيرتي.., عين عقلي.., مكوناتي الفكرية.. لم تقبل مجد روحي بالنيرفانا, مقارناً إياه.. بما في معيتي, ذهبت إليه, صارحته بضميري. استمع.., مأخوذاً..

ــ أنت أفضل تلاميذي, أكثرهم تميزاً, ما أنهيته في ثلاث سنوات, لا يستطيعه أقرانك خلال خمسة أو سبعة أعوام..

ــ الحق أقوله لك. أعطيتني مالا حاجة لي به, خلاصته معي, منذ وعيت الحياة..

أخذ الحديث مجرى.. لا يرضيه, لأنه يعلم دقتي وصدقي. اتخذت تعبيرات وجهه, عينيه, كافة حواسه موقفاً.. لم أره من قبل, أراد البينة:

ــ ماذا تعني بامتلاكك لصفوته؟

ــ أقصد المجد الروحي..

ــ ألديك طريقة أخرى.., بدون اليوجا والتأمل؟

ــ نعم.. وأفضل..

ــ في كم عاماً. يمكنني تعلمها؟

ــ ساعة فقط..

أشعرني بنظرته, ابتسامته.. بأنني أهذي.., يستحيل تصديقي, لست جاداً, جئته عابثاً، جاحداً. إلا أن ثباتي.. فرض مصداقيتي.., ليضع النقاط فوق حروفها:

ــ لو أقنعتني.. لكنت مٌعلمي.., عليك إخباري بهذه التقنية.. لأجربها

ــ الرقيب المجيب.. لا يقبل التجريب..

ــ ارني طريقه..

ــ تسلم وجهك لله.. أعلمك الصلاة, كيفية الخشوع..

بقلمي

الكاتب القاص / عصام سعد حامد

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى