ط
مسابقة القصة القصيرة

الـتـائـب. مسابقة القصة القصيرة .بقلم/ مصطفى زياتين من الجزائر

الإسم: مصطفى زياتين
البلد : الجزائر
نوع المشاركة : قصة قصيرة
رقم الهاتف : 213.778.194.904 +
___________________________
قصة قصيرة بعنوان ” الـتـــائـب ”
لـ : مصطفى زياتين

بعدما تأمّل الفتى حاله المريضة مطوّلا و تشرّب حقيقة أفعاله الخاطئة، عضّ على شفتيه، أطبق على أجفانه و نهض قائما بسرعة فائقة، لم يعرف كيف لم يستفق من غيبوبته حينها و كيف لم يقّدر عمق الهاوية التي كان بداخلها، كيف لا ؟ و قد كان يلعب دور المأمور بإتقان، كيف لا ؟ و لم يفكّر و لو لحظة أن يقول كلمته بينهم و يأخذ بنفسه منهم إلى شاطئ البرّ و الأمان.
ثوان معدودات كانت كافية لأن يمسح بنظره جميع زوايا غرفته المظلمة، ذهب منطلقا صوب باب غرفته و لطمه بلطف بعدما تذكّر أنه لا نفع للنّدم و التحسر الآن، اتّكأ على الجدار لوهلة ثم انساب معه ليستلقي على الأرض و هو يعيد شريط ذكرياته للوراء، يتحدّث بصوت ذابل و متقطّع في هدوء شديد: كنتُ أنا الوحيد في عائلتي بعدما اضطرّت أمّي لإجراء عملية جراحية حرمتها من الولادة مرّة أخرى، فكنتُ في عينيها الابن الصّغير المدلّل و الابن الكبير ” رجُل الدّار “.
مرّ الوقت بسرعة و أصبحت في العاشرة من عمري ، كنتُ حينها في المرحلة الإعدادية، متفوّقٌ في دراستي، لا أعرف إلّا البيت و المدرسة، كانت يومياتي بسيطة متواضعة تغمرها رعاية الأب لي و حنان الأمّ عليّ ، فكلّما عجت صوبهما بيد فارغة إلّا امتلأت و اكتفت بما سألت.
أتذكّر مرّة عندما أُصبتُ بحمّى شديدة في ليلة باردة ممطرة قد أسدل عليها الشتاء ستاره، كنتُ أتأوّه من الألم، فما إن أغمضت جفني و فتحته حتّى وجدت أمي قرب وسادتي تسألني دون توقف: ” إبني أهذا أنت ؟ ما بك ؟ ما الذي يؤلمك ؟، لا تتحرّك سآتي في الحين “، حينها قد ذهبت مسرعة لتوقظ والدي الناّئم، أتى أبي مهرولا بخطواته ليحملني بيديه القويتين على كتفيه دون أن ينطق بكلمة واحدة ، اتّصل بجارنا الكهل ثم ذهبنا بسيارته إلى المستوصف القريب من قريتنا، انطلقت السيّارة و أمّي ترمُقني من طرف الباب بعين ذابلة باكية، كأنّها تريد أن تقول لي: عُد بسرعة معافا إلى حضن أمك يا ولدي.
مرّ يومان فقط على تناولي الدواء الذي وصفه الطبيب لي بعد ذهابي إلى المستوصف، كانت أمّي تغرقني بألذّ و أشهى الوجبات، أحسست أنّي أمير صغير يطلب ما يشاء أو كأني وجدت فانوسا سحريا يلبّي رغباتي في الحين.
تعافيتُ بعدها و عدت إلى حالتي الطبيعية، ليكبُر في عينيّ بطلان كتبا اسمهما بجدارة على صفحات يومياتي، إنّهما ” أمي ” و ” أبي “.
لهذه اللّحظة مازال الفتى يتذكّر ما كان عليه في سنّ العاشرة، نهض من مكانه دون أن ينهي ماذا حدث له، كيف و لماذا أصبح يسخط على نفسه، فتح باب غرفته، نظر إلى والده و أمّه المستلقيان في آخر الرواق و الدموع تحجب عينيه، أراد أن يتحدّث معهما لكنّه لم يقدر، استدار ببطء، خطى بضع خطوات ليجد نفسه خارجا من المنزل، تنهّد مرتين ثمّ مشى و الرّصيف مطوّلا يعيد ما مضى متنقّلا بين أشلاء ذاكرته المنهارة، توقّف فجأة يتلّمس الحائط و يقول أيّها الحائط الأصم هذه حكايتي، أنا التّائب فهل لك أن تسمع حكايتي !
انتقلتُ للثّانوية محمّلا بالحماس و الإرادة اللذان كسبتهما من والديّ، كنت الأفضل في الدراسة، كان أستاذي يقول لي: لديك مستقبل مميّز، أنت في الطريق الصحيح فلا تنثني عن التقدّم.
نعم، كنتُ و كنتُ إلى أن جاء ذلك اليوم الأسود المظلم الذي قلبني و قلب كياني إلى وجهة مجهولة، كنتُ كلّما أخرج من الثانوية مع أصدقائي يرمقني شابّ في العشرينات يركب سيّارة كبيرة، كان أنيقا مهذبا في تعامله فقد كان يوصلني عندما تتأخر الحافلة لأذهب إلى البيت، كنّا نتجاذب أطراف الحديث كلّ مرة ركبت معه في السيارة، كان يحكي لي عن نفسه، عن حياته المترفة و أنّ لديه شقّتان فاخرتان و سيّارة كبيرة، لديه عمل و لا ينقصه شيء على حدّ تعبيره، فهذا ما قاله لي في أيّامه الأولى.
لم أتهرّب منه أو أقل في نفسي لماذا أركب مع شابّ لا أعرفه، و لكنني بصراحة عندما كنت أتناول وجبة العشاء بالمنزل ليلا و أذهب إلى غرفتي أصبحت أدير ما قاله لي في طاحونة مخيلتي و أتمنى و لو لحظة أن أكون مثله لأتفاخر بين أصدقائي أو كي أحسّ أنّي أصبحت شابّا غنيّا مثله.
أحاسيس عديدة و غريبة كانت تهزّني و فضول كبير كان يدفعني أن أسأل ذلك الشابّ عن مفتاح رفاهيته هذه أو على الأقلّ ماهية عمله حتى أستريح من كل ما كان يجول في خاطري أو يتبادر إلى ذهني كلما أركن إلى غرفتي مساء.
بعد مرور أسبوع، التقينا كالعادة على الساعة الخامسة بعدما أنهيت دراستي، ركبت السيّارة و انطلقنا، بدأنا نتجاذب أطراف الحديث حتى قال لي فجأة: أتريد أن تصبح مثلي ؟ ، ابتلعت ريقا على طرف لساني و قلت في نفسي: هل قرأ أفكاري أم ماذا ؟، ليعيد السؤال من جديد: أتريد أن تصبح مثلي غنيّا و لديك سيّارة خاصة بك ؟، سيصبح لديك أصدقاء كثر… و بدأ يسرد لي قائمة طويلة من المغريات كذا و كذا … حتى قاطعته دون أن يكمل: نعم.
هذا ما تجرأت على قوله حينها، ابتسمت و ابتسم الشاب ثم قال لي: حسنا، و لكن لا تسألني عن شيء حتى أخبرك به “، حرّكت رأسي ثم مضينا في الطريق حتى وصلنا إلى البيت، نزلتُ مسرعا و الغبطة تخرج من بين أشفار عينيّ كأني حقّقت إنجازا عظيما يستحقّ أن أفرح لأجله.
في هذه الأثناء كان جارنا الكهل عائدا إلى منزله و كان قد لمحني و أنا أنزل من سيّارة شابّ غريب ليس من أصدقائي أو ليس حتى من أقربائي الذين اعتاد أن يراهم يزوروننا، سكتَ ثم دخل منزله، في هذه الأثناء كان والدي أيضا ينظر من نافذة البيت المقابلة للطريق، دخلتُ بهدوء للمنزل ثم انطلقت مباشرة نحو غرفتي الصغيرة، ما هي إلّا لحظات حتّى وجدتُ أبي داخل غرفتي يسألني: من هذا الذي كنت معه خارجا بالسيارة ؟ قلتُ له مباشرة دون تفكير: إنّه أخ صديقي بالثانوية، لقد أوصلني بعدما تأخرت الحافلة.
كانت هذه أوّل مرّة كذبتُ فيها على والدي، سكتَ أبي ثم ذهب مطمئنا، و أنا أقول في نفسي: الحمد لله أنّه لم يكشف أمري.
أصبح شغلي الشاغل النقود و كيف سأصبح غنيّا، تمنّيت لو يطلع فجر الغد بسرعة كي ألتقي بذلك الشابّ فنكمل حديث البارحة. التقيت به في الغد، ناداني للركوب ثم قال لي: إصعد إلى السيّارة، سأعرّفك اليوم بضيف جديد، قمتُ بما قال لي لأجد رجلا كبيرا في الخمسينات، لديه خصلات شعر بيضاء متفرقة في أنحاء رأسه، يرتدي نظارة سوداء و لديه شارب كثيف يغطي شفّته العليا، أردتُ أن أتحدّث لكنّه أخذ دوري في الكلام و قال لي: مرحبا بك معنا، ثم بدأ يغازلني بأجمل الكلام بأنّي أبدو ذكيا و أنّ شابّا مثلي يصلح لعمل رفيع بدل أن يضيع وقته بالدراسة، تمايلتُ مع سنفونيته التي عزفها للتوّ ثم قلت له: كيف ذلك ؟ وأنا لا أملك شيئا، لديّ فقط والدان يحبّانني جدا و لن يرضيا أن أبتعد عن دراستي، ثم بدأت أتحدّث له في عجالة عن مشاريعي المستقبلية بأني أحلم أن أصبح طبيبا، مهندسا أو محاميا عندما أنهي دراستي بالجامعة … مازلت أتحدث حتى قاطعني بضحكة خفيفة قائلا: كم ستنتظر من عام حتى تنهي دراستك بالجامعة ؟ أربع، خمس أو ست سنوات ؟، و لنفرض أنّك أكملت دراستك، هل ستجد عملا ؟، سيقذفك الملل على الحائط و ستجد نفسك عاطلا عن العمل، اسمعني فأنا أكبر منك بكثير و لدي خبرة واسعة، ثم أشار إلى الشابّ في الأمام الذي تعرّفت عليه أول مرة و كان يسوق السيارة، ثم قال لي: لقد كان مثلك منذ سنتين و الآن لديه سيارة كبيرة، شقّتان فاخرتان و هو بأحسن حال، فإذا كنت مهتما سأجعلك تعمل عندي و لن ينقصك شيء، قلتُ له دون أن أشعر: و لكن ماذا عن … ؟، قاطعني قائلا: عن والديك ؟ عن دراستك ؟، ليس صعبا أن تخفي عنهما ذلك، في كلّ مرة تنهض صباحا تظاهر بأنّك ذاهب للدراسة و تصرّف باعتياد كما كنت تفعل من قبل، ستعمل عندي و هناك الكثير من أمثالك الذين طلّقوا الدراسة و ابتدأوا العمل معي، ثم أدخل طرف أصابعه في جيب سترته و أشهر أمامي رزمة من أوراق النقود، ثم قال: خذ فأنت تستحق أكثر من هذا، في هذه اللّحظة لم يكن هناك داع لأستمع إلى باقي الحديث و قد ترصّعت فكرة العمل في كل زاوية منّي، أصبحتُ أتصنّع السّمع أمامه و أنا أفكّر كيف سأصبح بعد عام أو عامين إن أخذت بكلامه، قاطعته فجأة قائلا: لكن دعني اللّيلة أفكّر جيّدا لأقول لك جوابي، و كأنّي فعلا كنت أريد التفكير و أنا في الحقيقة كنت موافقا من أوّل وهلة بدأنا الحديث، نظرتُ للشابّ و الرجل الكبير، أخذت أوراق النقود، ودّعتهما ثم مضيت لحالي.
أيّها الحائط أمازلت تسمعني ؟ أرجوك ركّز معي فأنا لم أبدأ أسطورة ضياعي بعد، كأنّي أصبت بلعنة غيّرتني من عاقل إلى أبله نسيَ كلّ تربية والديه و ضربها عرض الحائط أو كأنّي دخلت متاهة لا أعرف أوّلها و لا آخرها. نعم هنا بدأت حكايتي، حكاية شابّ أراد أن يغوص بجسده الضعيف في بركة عميقة لا نهاية لها.
توقّف الفتى عن المشي بجانب الحائط الذي ملّ يستمع لحكايته الأليمة دون أن يكمل ماذا حدث بعد أن أخذ أوراق النقود من الرجل الكبير، أصبح يلقي شعر أحداثه بعد أن نثر منها أبياتا داخل غرفته الصغيرة و أبياتا أخرى نثرها على حائط أصمّ مشى بجنبه لساعات متتالية، فمن سيستمع إلى بقية قصيدته يا ترى ؟
استدار للخلف و عاد أدراجه إلى المنزل من جديد، يمشي و عيناه في طرف حذائه، كوردة ذابلة تمّ قطفها فمالت بعد ساعة من الزمن، يترنّح يمينا و شمالا كتلك السّنبلة الفارغة التي تتقاذفها الرياح، يرفع يده اليمنى المضطربة إلى أعلى جبينه، يمسح ببطء دمعة قد ترصّعت على دمعة جديدة فوقها، ثم يدخل كلتا يديه إلى جيبي سرواله، يتوقّف ثم ينحني برأسه حتى يلمس ذقنه أعلى صدره … تنهّد طويلا ثم أكمل ما بقي له من أمتار نحو منزله.
قبل أن يصل إلى عتبة الباب تفاجأ بجاره الكهل جالسا على الرصيف يناديه: تعال، تعال و اجلس بجانبي فلديّ حديث معك، لقد سمعتُ أنّ غرباء دخلوا لمنزلكم و حاولوا قتل أمّك، و أنّك أيضا قد توقفت عن الدراسة ؟ مستحيل أن تكون أنت ذلك الطفل الصغير الذي كان يُعرف بأدبه وتفانيه في الدراسة …
في هذه اللحظة بدأ الجار يرسل سيلا من الكلمات يلوم فيها الفتى الذي كان مطأطئ الرأس لا ينطق بكلمة، احمرّت وجنتاه و تجمّعت أطرافه الأربعة، مدّ يده اليمنى إلى جاره الكهل ثم قال و عيناه مغرورقتان بالدموع : أرجوك توقف، أنا هو السّبب، أنا هو السبب في كلّ شيء، بسببي دخل الغرباء بيتنا و حاولوا قتل أمي لأنّه … ما هي إلى ثوان حتّى نهض الجار مندهشا غاضبا ثم قال: ماذا ؟ أعد ما قلته، كيف هذا ؟ أمسك يد الفتى بقوة و قال له: انهض أيّها العاقّ، أيها… هيّا إلى منزلي و أريدك أن تسرد لي كلّ شيء حدث معك.
لم يبق للفتى الآن إلا أن يطفئ شمعة عذابه و أن يلقي ما تبقّى من قصيدته على جاره الكهل، دخلا المنزل ثم انطلق الجار نحو غرفة الضيوف و الفتى من ورائه ببضع خطوات يمشي و يمسح دموعه تارة بيده اليمنى و تارة باليسرى. عند دخولهما نطق الجار: اجلس على السرير هنا، ثم ذهب و أحضر كرسيا كان قرب الباب و جلس أمامه مباشرة، وضع يديه على ركبتي الفتى ثم قال له: تكلّم، أنا أستمع لك.
” كأنّي لم أكن في وعيي حينها ” كانت هذه أول جملة قالها الفتى، سكتَ لثواني، أخرجَ نفسا تحجّرت داخل حنجرته مذ أن جلس على السرير، ثم انطلق من جديد يحكي قصّة لقائه بذلك الشابّ صاحب السيّارة الكبيرة و عن ذلك الرجل صاحب الشّارب الكثيف و كيف أخذ منه أوراق النقود ثمّ قال: لقد توقّف تفكيري حينها و أصبحت أفكّر في العمل الذي عرضه علي، وصلتُ إلى المنزل ثم دخلت مخترقا أجواء البيت الصامتة بثقة كبيرة كأنّي لم أقم بأيّ شيء يذكر، ألقيت السّلام على والدي وذهبت إلى غرفتي، استلقيت فوق السّرير، شبكت يديّ خلف رأسي و بدأت أنسج أحلام اليقظة، أتخيّل ماهية هذا العمل، كيف سأتوقّف عن الدراسة بالثانوية و كيف سأخفي كلّ هذا عن والديّ، رسمتُ ابتسامة صغيرة على فمي ثم أطبقت أجفاني.
نهضتُ في الصّباح الباكر، تناولت فطور الصباح ثم انطلقت نحو الثانوية، ما إن وصلت حتى لمحت ذلك الشابّ، هرولت نحوه بسرعة و ركبت بجنبه في السيارة، تبادلنا التحية ثم قال لي: تبدو نشيطا هذا اليوم، هل أنت مستعد لأول عمل لك ؟ قلت له: نعم، ثمّ حكّ على رأسي و قال: جيّد، أترى تلك الحقيبة السوداء وراءك أسفل المقعد الخلفي ؟ يوجد بها مليارين ، سوف تملأ محفظتك بها ثم تركب في قطار الجنوب، و عندما تصل بعد قرابة ساعتين من الزمن ستجد شابّا طويلا أسمر البشرة جالسا بالمحطّة يحمل قبّعة بين يديه، عندما تراه اذهب إليه و الباقي سيخبرك به، و إن نجحت في هذا كأوّل عمل لك سيفرح بك ربّ عملنا كثيرا.
في البداية لم يخطر ببالي أن أسأل الشابّ عن قصة هذين المليارين و لماذا آخذهما بمحفظتي أو حتّى من يكون هذا الذي سألتقيه بالمحطة، لم أنطق بأيّ كلمة كأنّي كنت مخدّرا، قمتُ بما قاله لي من أوّل إلى آخر كلمة، ذهبت مباشرة إلى محطّة القطار التي تبعد كيلومترين عن الثانوية، بعد أن وصلت ركبت القطار ثمّ جلست بأحد المقاعد في القاطرة الأمامية، بعد ربع ساعة انطلق القطار، التصق نظري بالنافذة مطوّلا ثمّ نمتُ قليلا، ما إن فتحت عينيّ حتّى سمعت صافرة القطار تدوّي فوق رأسي، ثمّ قلت محدّثا نفسي: نعم لقد وصلت إنّها محطة الوصول، أرسلت نظري خارجا لأتفقّد الجالسين بالمحطّة حتّى وجدت ذلك الشابّ كما وُصف لي، طويلٌ، أسمر البشرة و يحمل قبّعة بين يديه، نظرت إليه ثم حرّك رأسه مشيرا إليّ، ذهبت نحوه، تصافحنا ثم ارتدى قبعته و قال لي: مرحبا بك، هيّا نذهب إلى السيارة لنتحدّث، كانت سيّارته مركونة في آخر المحطة، ركبنا ثم أخذ منّي المحفظة التي كنت أحملها، وقال لي: شكرا يا فتى لقد أتممت عملك، سيأتي قطار آخر بعد نصف ساعة تعود به إلى قريتك.
كنتُ سعيدا و راض عن نفسي لأنّي أنهيتُ أوّل عمل لي بنجاح، عندما وصلت إلى القرية كانت السّاعة تشير إلى الثانية مساء، وجدت الشابّ صاحب السيارة الكبيرة ينتظرني خلف جدار الثانوية، شكرني ثم أدخل مبلغا من النّقود في جيب سروالي بسرعة وقال لي: خذ، هذا نصيبك لهذه المرة، أنا ذاهب الآن و لا تنسى أن نلتقي غدا صباحا لتقوم بمهمّة أخرى، قاطعت حديثه قائلا: أنلتقي هنا بجانب الثانوية ؟ قال: لا، أنت تعمل الآن، سيراك أصدقائك و يكتشفون أنّك توقّفت عن الدراسة و ربّما يخبرون والديك بهذا، ستجدني أنتظرك بمحطّة القطار قطار الجنوب، ثم قلت له: لا بأس إذا. كانت هذه المرة الأولى التي نتحدّث فيها خارجا من السيّارة، وكان هذا أوّل عمل لي، أوّل عمل أدخلني بجدارة أسطورة عنوانها ” أسطورة الضياع “.
لحدّ الآن مازال الفتى يتحدّث متحسّرا و جاره الكهل يستمع محدّقا بكلتا عينيه، يتنهّد تارة و تارة أخرى يقول له: هيه أكمل، لم يتوقّف الفتى عن السّرد لحظة واحدة كأنّه يحفظ الأحداث عن ظهر قلب أو كأنّه كاتبٌ لسيناريو فيلم يروي تفاصيله بدقّة.
أكمل الفتى قائلا: التقيتُ بالشابّ في اليوم الموالي بمحطّة قطار الجنوب و أصبحنا نلتقي كلّ مرّة بنفس المكان، يعطيني مبلغا من النقود و أنا آخذه إلى وجهة محددة، كنت أسأله في بعض الأحيان عن قصّة هاته النقود و كان يقول لي أن ربّ العمل هو رجل أعمال ثريّ جدا و لديه شركات كثيرة بالخارج، لقد أتى للبلد و قام بإنشاء مصنع للسيّارات الفاخرة و هذه الأموال تدخل في إطار نشاطاته و تعاملاته مع زبائنه، ثمّ بدأ يغوص في الأمور الإدارية، السّندات و غيرها … لم أفقه شيئا في هاته الأمور، اكتفيتُ فقط بقولي له: حسنا حسنا لقد فهمتك.
مرّت ثلاثة أشهر، اعتدتُ على الوضع و على أجواء العمل، كيف لا ؟ وقد كنت أتلقّى كلّ يوم حزمة من النقود، كيف لا ؟ وقد طلّقت دراستي بالثانوية، احترفت العمل و احترفت معه الكذب على والديّ، أصبحت أختلق لهما عشرات الأعذار في كلّ مرّة يجدانني قد اشتريت لباسا جديدا أو أنّي وصلت متأخرا للمنزل … لقد أبدعتُ في الكذب و يا ليت الكذب يدوم.
أتذكّرُ في أحد المرّات، كنت أتناول وجبة العشاء مع والديّ، أكملت بسرعة ثمّ دخلت غرفتي و أغلقت الباب بالقفل، جلست على السّرير ثم بدأت أعدّ ما جمعته من أموال طيلة الأيّام الماضية، و فجأة سمعت أميّ تطرق الباب و كنت قد لاحظتها على مائدة العشاء أنه انتابها شكّ عندما أكملت الأكل بسرعة و انطلقت مباشرة نحو الغرفة، ثمّ قالت لي من وراء الباب: افتح الباب يا بنيّ، لماذا أغلقته بالقفل ؟، جمعتُ النقود في لمح البصر ثمّ خبّأتها بسرعة تحت ملابسي بالخزانة، فتحتُ الباب، دخلت أمي ثمّ قالت: لقد أكلت بسرعة، ما بك ؟ و لماذا أغلقت الباب بالقفل ؟ هل هناك شيء ؟ قلت لأمي: ليس هناك أيّ شيء، رأسي فقط يؤلمني و أريد أن أرتاح قليلا لهذا أتيت إلى الغرفة مسرعا، لا تخافي سأكون في أحسن حال غدا، اذهبي وارتاحي يا أمي، ابتسمتُ و ابتسمَت، خرجت أمّي من الغرفة ثم أغلقتِ الباب وراءها، أخرجتُ نفسا عميقا ثم قلت: لقد نجوت هذه المرّة.
نهضتُ صباحا، قبّلت رأس أمي و سلّمت على أبي أتظاهر ككلّ مرة أنّي ذاهب للدراسة، لم أعلم حينها أنّي قد أسقطتُ البارحة ورقة من النقود أسفل السرير بغرفتي دون أن ألاحظ ذلك، عندما عدت في المساء من دراستي (عفوا) من عملي دخلتُ غرفتي و إذا بي أجد أمّي جالسة فوق السّرير تنتظرني، أشارت بيدها إليّ، ثم قالت: اجلس يا بنيّ، جلستُ ثم قلتُ لها ما الأمر يا أمّي ؟ أنتِ اليوم بغرفتي على غير العادة، سكتتْ ثم فتحت يدها لتريني ورقة النقود قائلة: من أين لك بهذا ؟ فوالدك لم يعطك أيّة نقود البارحة على ما أعتقد، تبكّمتُ لثواني ثم قلتُ لها: أنا لست صغيرا يا أمي، لقد كبرتُ، و ورقة النقود هذه لقد أعطاها لي … لم أكمل كلامي حتّى، لم أكمل كذبتي بعد حتّى دخل أبي أمامي مكشّرا وجهه غاضبا، قلت في نفسي: ما الذي أتى بك يا أبي ؟ هل أتيتَ أنتَ أيضا لتُفرغ ما بجعبتك عليّ ؟، ثم قلت: أنا اليوم هالك لا محالة، نطق أبي أخيرا: أتوقفت عن الدراسة يا بنيّ ؟ أفقدت صوابك ؟
أحسست أن صخرة كبيرة سقطت فوق رأسي، لم أجد ما أقوله لحظتها حتّى تذكّرت صديقي الذي كنتُ أجلس بجنبه بالثانوية، ثمّ قلت له: كيف هذا يا أبي ؟ حسنا، سآتي لك غدا بصديقي الذي يجلس معي، فنحن نبقى مع بعض طيلة الوقت… لم أكمل كلامي حتى نطق أبي مجددا: أسكت أيها الكاذب !، أسكت و لا تنطق بأيّ كلمة، ثم نادى بصوت مرتفع: تعال يا فتى، تفاجأتُ، و كأنّه نادى لآخر موجود معنا بالمنزل غيرنا نحن الثلاثة، حتّى أتى رابعنا و دخل للغرفة، و من أتى يا ترى ؟ إنّه صديقي الذي يجلس معي بالثانوية، فقد جاء يسأل عنّي بعدما غبتُ أكثر من ثلاثة أشهر حيث التقى بأبي خارجا و سأله عنّي و عن سبب غيابي كلّ هذه المدّة، نعم لم أخطأ حين قلت أنّني هالك اليوم لا محالة، نجوت بأكاذيبي مرّات عدّة و اليوم سأدفع ثمن ذلك، احمرّ وجهي، فقدت القدرة عن الكلام، لم أحسّ بنفسي إلّا و أنا أغادر البيت مهرولا نحو الباب و أنا أصرخ: دعوني و شأني، دعوني و شأني، سأذهب و لا تبحثوا عنّي بعد اليوم، خرجتُ و أنا أسمع ورائي أصواتا عديدة تتلاشى شيئا فشيئا، لم أفهم منها إلا كلمة واحدة: ارجع.
تلقّيتُ صدمتين على مرّة واحدة، اكتشاف والديّ بأنّه لديّ نقود مشبوهة و بأنّي قد توقّفت عن الدراسة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، خرجتُ مهرولا لا أعرف الوجهة القادمة، لا أعرف أين سأذهب بعدما طلّقت الكلام مع والديّ و خرجت كالسّهم من المنزل، كنتُ أرى الظلام يحيط بي في كلّ ركن من زوايا الأزقّة التي قطعتها، توقّفت عن المشي أخيرا لأجد نفسي بشارع ليس بالبعيد عن الثانوية، بدأ الظلام يسدل ستاره و تناقصت وتيرة الحركة، الكلّ مضى لبيته إلّا أنا بقيت في ذلك الظّلام الدّامس متّكئا على جدار مهترأ أنتظر في صمت ريثما تأتيني أفكار على حين غرّة ترسم لي معالم الغد، غدا أنتظر بزوغه على أحرّ من الجمر.
لم أحسّ حتى وجدتُ نفسي نائما كطفل مشرّد تُعانق جسده الضّعيفة حبّات المطر في الخارج، كطفل مشرّد تستأنسُ روحه بدقّات قلبه المُهترئة، كطفل مشرّد تغرف نَفَسه ملعقة برْد كلّ ليلة مظلمة، كطفل مشرّد ذو أنامل فتيّة تربّت على أرض نديّة، كطفل مشرّد افترش بِلاط الأرض غرفة أبديّة، كطفل مشرّد طلّق الكَرى خوفا من عين شقيّة، كطفل مشرّد تُغازل رَمَقاتُه جدارا مهترئا أصبح فردا من عائلته.
أيقظتني في الصباح الباكر نسماتٌ باردة امتزجت مع دموع متلاشية من ليلة الأمس، مسحتُ وجهي ثم انطلقت نحو محطّة قطار الجنوب حتّى ألقى ذلك الشابّ و أحكي له ماذا جرى معي، فلقد كرهت كلّ شيء، مللت من كلّ شيء حتّى من نفسي بعد كلّ الذي حدث.
انتظرتُ مطولا بالمحطّة، حتّى أتى الشابّ أخيرا في حدود السّاعة العاشرة صباحا، ما إن بدأ الكلام حول جديد العمل و ماذا سأفعل هذا اليوم كالعادة حتّى قاطعته قائلا: أنا آسف لكني سأتوقّف، لن أعمل معكم من اليوم، ثمّ بدأت أسرد له أحداث الليلة الماضية وكيف اكتشف والديّ توقّفي عن الدراسة … لم أكمل حتّى فاجأني الشابّ متحدّثا بغضب شديد: ماذا تظن ؟ أنّنا نلعب هنا ؟ لقد بدأت العمل معنا و لا يمكن أن تتوقّف أبدا، لم أهضم هذا الغضب و لماذا انقلب وجهه فجأة هكذا و ما السّبب الذي يحول دون توقّفي عن العمل… يا إلهي أنا حائر، ماذا هناك ؟ هل في الأمر حيلة ؟ ثم قلت له: أرجوك أخبرني، أهناك ما تخفيه عنّي حول العمل ؟ لماذا لا أستطيع التوقّف ؟ سكتَ الشابّ للحظات، ثم نظر إليّ بحدّة قاتل يكشّر أنيابه على فريسته، كنتُ أظنّه حملا وديعا حتى بانَ لي كثعلب ماكر لديه في جيب سترته أكثر من قناع، ثم نطق من جديد: أتريد الحقيقة ؟ أنت تعمل معنا في شبكة لتزوير أوراق النقود، كلّ الأموال التي قمت بتوزيعها مزوّرة، هل ارتحت ؟ لقد عرفت الآن، لا يمكنك أبدا أن تتوقّف عن العمل و إلا سيتمّ تصفيتك لأنّك تعرف أسرار العمل و تعرف وجوه عملائنا و … في هذه اللحظة أصبت بالخرس، تملّكني الخوف، اختلطتْ أحاسيسي، لم أعرف ماذا أفعل، أأندب حظّي العاثر على خروجي المذلّ من المنزل أم أندب حظّي العاثر على تواجدي في هاته العصابة دون أن أعرف أنّي كنت في هاوية عميقة لا نهاية لها، قمتُ بالتفكير لثواني، ابتلعت ريقا ترصّع داخل حنجرتي، جمعت شيئا من الشجاعة طرف لساني ثمّ قلت له: اللعنة عليكم و على أمثالكم، أيّ ضمير لديكم حتى تقوموا بهذا العمل ؟ سأتوقّف و افعلوا ما يحلوا لكم، لن أخافكم فقد خُدعت بما فيه الكفاية، فقدتُ احترام والديّ بسببكم، تفننّت الكذب بسببكم، توقّفت عن الدراسة بسببكم، أيّ قلب متحجّر تحملونه ؟ كيف تفعلون بي هكذا و تقول في الأخير ببساطة أنّي أعمل في شبكة لتزوير أوراق النقود !
كنتُ غاضبا جدّا ومتفاجئا في نفس الوقت، دخلتُ عالما ليس كعالمي الذي اعتدت أن أعيشه بين أحضان أمّي و أبي، دخلتُ عالما ليس كعالمي الذي اعتدت أن أعيشه في منزل ملئه احترام و تربية، ملئه حبّ و تضحية، توقّفتُ عن الكلام، استدرت ثم مضيت لحالي تاركا الشابّ يهم لركوب سيارته، خطوت بعض خطوات حتى نطق من ورائي: لقد أردتَ لنفسك هذا فاستعد لتحملّ العواقب، لم أعِر كلامه أدنى اهتمام أكملت طريقي و أنا تائه بخيالي أعيد سيناريو اللّحظات الخاطئة التي عشتها مع هذه العصابة، سيناريو فيلم تعدّت حلقاته بجدارة التّسعين حلقة.
عزمتُ في نفسي أن أذهب إلى المنزل و أطلب الصفّح من والديّ و أعترف لهما بكلّ شيء حدث معي عسى أن يصفحا عنّي و يقبلا اعتذاري، ثمّ قلت: قبل هذا سأذهب إلى الثانوية لألتقي أصدقائي فلقد اشتقت لهم و لأجواء الدراسة، بدأت أحنّ لذلك المئزر الأبيض الذي لطالما ارتديته كلّ صباح، بدأت أحنّ لنشيد العلم ، بدأت أحنّ لصافرة الصفّ عند بداية كلّ درس، غبيٌّ أنا لأنّي استبدلتُ هذه اللحظات الجميلة ببضعة أوراق نقدية، آه على غبائي آه، وصلت للثانوية و كانت الساعة تقارب الثانية عشر، انتظرت لدقائق حتى لمحت أصدقائي، سلّمت عليهم ثم تجاذبنا أطراف الحديث، بعد سينٍ و جيمْ و بعد نصف ساعة من اللقاء لقاء اشتقته منذ ثلاثة أشهر ودّعتهم ثمّ مضيت لحالي أشقّ طريقي نحو المنزل.
وصلتُ أخيرا إلى المنزل، هممت بالدّخول حتى سمعت صوتا غير عاديّ كأنّي قد سمعت بكاء خافتا ممزوجا بكلام متقطّع غير مفهوم، فتحت الباب و ليتني لم أفتحه، خطوت أول خطوة و ليتني لم أخطها، ألقيت نظري داخل المنزل حتّى لمحت أبي و أمي مستلقيان في آخر الرواق يتقاسمان نصف منديل ممزّق يمسحان به دموعهما المتناثرة هنا و هناك، انطلقت مسرعا نحوهما، لم أتكلّم بعد حتى نطق أبي يخبرني في شهقة عن غرباء دخلوا للمنزل و حاولوا قتل أمّي … قبل أن يكمل لم أحسّ بقدميّ حتّى وجدت نفسي داخل غرفتي …
أكملَ الفتى حديثه مع الجار، كيف ذهب إلى غرفته الصغيرة و هو يتحسّر على الخبر المؤلم الذي سمعه من والده و بأنّه خرج من المنزل بعدها دون أن يكلّم والديه، و كيف تقاسم مع الحائط لساعات متتالية بداية قصّته إلى أن لقي جاره قرب المنزل ثمّ غرفة الضيوف أين أخبره بالبقية.
قاطع الجار الكهل الفتى قائلا: هكذا إذن، لقد فهمت كلّ شيء، فالعصابة التي كنت تعمل معها هم من أرسلوا هؤلاء الغرباء لقتل أمّك انتقاما منك بعدما فاجأتهم بأنك ستتوقّف عن العمل، و حمدا لله أنّها لم تمت بل فقدت الوعي فقط …
لم يكمل الجار كلامه بعد حتى بدأ الفتى يبكي بحرقة، يقول و يعيد: أنا نادم على ما فعلته أنا نادم لأنّي توقفت عن الدراسة، أنا نادم كلّ الندم، أنا نادم على كلّ شيء، سأذهب لوالديّ الآن و أرتمي تحت قدميهما طالبا العفو، عذرا أبي و أمي إن أخطأت في حقكما، عاقّ أنا إن لم أقبّل خدّيكما و رأسيكما كلّ صباح، عاقّ أنا إن لم أنحنِ احتراما لكما كلّما التقينا، جاحدٌ أنا إن لم أتغنّ بكما كلّ ثانية، جاحدٌ أنا إن قلت تفاهة تغضبكما، سأحبو من اليوم طمعا لإرضائكما، بوجه كلّه ابتسامة سأقابلكما، بوجه مفعم مليء بحبّ الابن لأمّه و أبيه، أنا التّائب و هذه حكايتي، آسفٌ أنا بقدر السّما، أنا آسف.
خرج الفتى من منزل الجار الكهل ثمّ عاد إلى منزله من جديد، ارتمى بين أحضان والديه طالبا السّماح والعفو، يتحدّث و يبكي بعمق، بعمق ندمه الشديد، أدار بكرة الأحداث و انطلق يحكي كلّ ما حدث معه.
بعد يوم واحد، ذهب الفتى مع والده إلى مركز الأمن ليقوم بالإبلاغ عن عصابة تزوير النقود، حيث أعطى كافة المعلومات التي تخصّ أفرادها و كيف حاولوا قتل أمّه، ليتمّ القبض عليهم في كمين محكم بعد شهر من الترصّد، أمّا بخصوص الدراسة فقد عاد الفتى للثانوية من جديد و استدرك ما فاته، بعدما تفهّموا حالته و اعتبروها استثنائية.
هذه هي قصّة هذا الفتى التائب الذي رغم كلّ ما قام به طوال ثلاثة أشهر كاملة أعاده والداه بقلب واسع و حنون إلى حضنهما الدافئ من جديد، أكمل الفتى دراسته بالثانوية ثمّ بالجامعة، ليعملَ بعدها محاميا يقفُ في وجه المجرمين و الأشقياء و يدافع عن حقّ الأبرياء و الضّعفاء.

– انــتـــهـــى-

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى