ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : لا أنا . مسابقة القصة القصيرة بقلم / جمانة خلاف .. الجزائر

مشاركة في مهرجان همسة الدولي في الشعر و الأدب الدورة الحادية عشر 2023.
القصة القصيرة.

الاسم: جمانة
اللقب: خلاف
اسم الشهرة: Jéma
الدولة: الجزائر
رقم الهاتف: 0781581996/0664456245
0781581996 :Whats App
https://www.facebook.com/djoumana.khallef17 :Facebook Link

لا أنا ، فقط الهو و الأنا العليا .
– كل ما أذكره هو يداها الهزيلة و بشرتها الشاحبة ، لم أستطع معرفة إذا ما كانت ترتعش خوفا أم بردا و هي تتشبث جيدا بمقعدي لكي لا تقع ، و هل ظنت أني سأنهض من أجلها لكي تجلس ؟ بالطبع كنت سأفعل لو كانت الحالة العادية لكن هته الصدفة المباركة لا يجب أن تهدر ، أردت أن أتأمل ملامحها البريئة و تساءلت من يفعل بها هذا ؟ لو كنت مكانه لعاملتها كزهرة أو فراشة فهي لا تقوى على شيئ هشة تستطيع يداي المتوسطة الحجم سحق حنجرتها بسهولة ، أستطيع حبسها بقبو بيتنا لأسابيع دون أن يدري أحد ما الذي جرى ، لأنها وحيدة ، وحيدة للغاية و جروحها غائرة متعفنة من كثرة الانتظار ، عيناها كالأحجار الكريمة ثمينة قيمة براقة و جامدة ، لا تحمل شيئا سوى الحسرة و الألم ، الكثير و الكثير من الألم ، أنا بكل تأكيد لا أريد معرفة حقيقة ما تكتنزه بداخلها فهي غريبة عني .. أصابعها تستفزني للغاية ، أريد قضمها و لربما الإحتفاظ بها من أجل الزينة ، شعرها الأسود يشبه الدمى اليابانية ، و هي إلى حد ما مخيفة ، الدمى و هي ، من يرغمها على ارتداء الأسود ؟ هل يجب علي أن أحميها منه ؟ من هو يا ترى ؟ إني أراقبها دوما لكني لا أعرف من يلحق بها هذا الضرر ، روحها منهكة هالتها الرمادية الخالية من الحياة تشعرني بالملل و الحنق ، أريد أن أعبث بها بشدة لأسمع صراخها لربما أو لأراها ثائرة مهتاجة ، بالرغم من أن ثورتها تلك لن تكون أكثر من زوبعة بفنجان لأنها بحق لا تقوى على شيئ ، ولا تريد شيئا سوى الخلاص ، هل أتوهم تلك السلاسل الثقيلة التي تجرها بساقيها النحيلتين معها حيثما ذهبت ؟ أم أنها حقا أسيرة ، همممم يال البؤس .
نزلت من الحافلة و كانت -تلك الطاغية تجرني معها إلى مكان لا أدريه ، الطريق مظلمة و الخوف اعتصرني بشدة ، شعرت بالمرض ، هذا الشعور المتشبع بذكريات طفولتي ، نعم نعم فأنا لا أخشى أحدا أو شيئا كما أخشى أمي ، هي شديدة اللهجة عريضة المنكبين ، قوية البنية ، سريعة الغضب كثيرة الصراخ ، مزاجها عكر على الدوام ، كلماتها تراكمت على صدري و تعفنت ببطئ كقطعة خبز رطبة منسية ، الجروح التي استمتعت أمي بخطها على جسدي الصغير ليس لها علاج و لا يحتويها النسيان فالنسيان حجر يستقر بقاع بئر أحزاني الفياضة ، هته السيدة التي تجرني ، ضعيفة الجسد مرتجفة الشفاه ، مقطبة الجبين سريعة الخطوات ، كأنها تحرص على الوصول بطردها الغالي العزيز إلى مكان ٱمن ، مخيفة للغاية مالذي سأفعله لتتركني ؟ أنا لا أستطيع مقاومة هلعي ، هل سترميني بقبو مظلم كما فعلت أمي ؟ أهذا ما تفعله النساء ؟
لا أطيق الظلام و لا أحب العزلة و أخشى على نفسي من يوم لا تشرق به الشمس بحرارة ، أكره الغيوم و النوم و الجدران ، للجدران ٱذان هذا ما قالته أمي ، كيف سأطيق التنفس و الجدار القابع خلفي يعد أنفاسي و يترصد أي كلمة من كلماتي ، ما العمل أنا كائن وضيع صغير لا يحب أن يلمس و لا يحب أن يسجن و لا يستطيع الكلام ، منذ متى لم أتكلم ؟ لقد مر الكثير من الزمن …
هذا البيت الذي تجرني نحوه يريد إلتهامي ، و قبوه ينتظرني ، أحشائي تهتز خوفا ، لماذا تبتسم لي ؟
من أخبرها أني أحب تناول الشاي ، أو البسكويت ؟ لماذا تردد على مسامعي هاته الترهات ؟ سأتخلص منها سأتخلص منها وحسب مرة و للأبد …
– التنفس صعب للغاية يستحيل علي التنفس ، من هاته العذراء المغشي عليها ها هنا ، جسمها بارد و ثيابها رقيقة لا تنفع حتى ليوم صيفي حارق ، دماء دماء من فعل هذا بها تلك المسكينة ، هي جميلة للغاية ، وديعة ، تشبه الملاك ، عندما حملتها بين ذراعي بدت ذابلة خاوية يكاد يسمع لها صوت إذا ما ارتطمت بالأرض كالدلاء الفارغة و أو كالصدى بالكهوف الخاوية ، أتستطيع الشعور بي ؟
– هذا ما حصل أيها الطبيب لقد وجدتها صريعة أمام بيتي فهرعت بها إلى هنا ، كان الحي خاويا تماما و هادئا إلى حد كبير ، لا إني لا أشك بأحد أنا بالكاد أعرف أحدا بهاته المنطقة هذا كل ما لدي هذا هاتف الضحية يمكنك استعماله للوصول إلى أحد أقاربها ..
– الممرضة وجدت رقم زوجها سنتصل به حالا ، شكرا على جهودك يا سيدي .
– العفو هذا أقل ما يمكن أن أقدمه فالبشر بشر بإنسانيتهم و ليسوا أفضل من الحيوانات دونها ، البشر كائنات غريزية متوحشة يجب أن تترفع عن أنانيتها و تعزل نفسها عن الرذائل لتصل للكمال و الطهارة الروحية اللازمة التي بدورها ستدفعنا نحو المثالية المطلقة ، أعذرني يا سيدي هاتفي يرن يجب أن أجيب ، نعم من معي ؟
– سيدي زوجتك بالمستشفى بحالة حرجة يرجى أن تأتي بسرعة سنرسل لك العنوان .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى