حانةُ يَعرُبِ
********
مابين منزلنا بساح المقدس … وملجئً نأوي اليه ومهرب
حانةٌ ؛ لايستفيق ضيوفها ….. سكرى بخمرة يعرُب
***
الليل قامر بالنهار المُفلس … فغدا السواد بشرقها والمغرب
و” الحان ُ ” يسكنها الشريد .. و الشهيد ؛ حفيد آل يثرب
***
مثل الضلوع الهالكات ، جدارها … وطلاؤها دمُّ لعير ٍ أجرب
ونوافذٌ كُنَّ العيون ، بقرحها …. تُعمي البصائرَ في دخان ٍ أشهب
**
هيا اذهبي .. في ركنها المُذهبِ … و ذوبيني في الهوى ثم اشربي
لا كان خمرا ً ، تحتسيه بكأسيَّ … إلا َّ المرارة ملء صوت ٍ أطرب
**
ذى ” شهر زاد ” و ذا ” المُعز الفاطمي ” وهذي ” ليلى ” عند ” قيس ” تختبي
و” جميلة ٌ ” إمَّا تفيق ُ لنفسها … كسرت مرايا عِزِّها المُتحدِب
***
و العم ُ ” سام ” يقدم الخمر التي .. فيها المنايا بالأماني ذُوَّب ِ
يُحيلُ السُمَّ في شهد الشراب … ويبيع وهما ً للسكارى يُنصب
*******
رقصت لهُم – بين الموائد ِ- طفلة ٌ … عند الرجال لأعيُنٍ لم تُحجب
واللحنُ مذبوج ٌ بسيف ٍمن حيا .. على مزمارِ غِل ٍينفُثُه صبي
******
هيا اقدِمي ؛ لِرُكنِها المُتهدِمِ .. ولا عبيني في الهوى ثم اشربي
لو أسْكَرت تلك الخمورُ ملوكَها .. هدمت أصولَ المُلك ِ
( خمرة ُ يعـــــرُب ِ)
**********
مريم المقدسية : نزلت الحانة .. ألف ربيع ٍ … ألف نهار
وخريفا ً ينزع أبوابي
ويهد الدار
**
قد كانت أمي تقنعنا ؛ أن الحانة ليست بالعار
وشيوخٌ أفتت بالطُهر .. و أبي يختلق الأعذار
أغرانا شتاء مدافئها .. فأقمنا الليل مع السمار
فالبرد بخارج ساحتها … قصفا ُ للدين وللأعمار
**
وحلمنا – والخمرة تغري – أنَّا سنعود غدا ً للدار
هيهات لِصُبح ٍ يأتينا … قد مات الأمس ؛ ونحن صغار
*
يا حانة َ ملأى بالوهم … حُبْلى بالخوف وبالأسرار
بدخان ٍ كالعتمة يسري … والقمر دوائر فوق جدار
لا النورُ يحِلُّ بوادينا … إلا َّ من ليل ٍ فيه النار
***
نسْكَرُ ؛ و يُعربِدُ عادينا … ويعيثُ فسادا ً ملء الدار
فالخمرة ُ ، إن نحن ُ شربنا … تسري بالنشوة في الفُجَّار
كذلك فعلت ” أمريكا ” … “تشرين” الإسمُ ، وفِعلُ ” أيار”
***
هيا اقعُد ؛ آنِس مجلسنا … فالصحبُ لفيف ٌ من أخيار
من ” سهل بقاع ٍ ” خمرتنا … دمُ التفاح ِ ليوم حِصار
كرماتُ العِزِّ رويناها … من ” نهر الأردن ِ” ماءَ العار
****
هذا ” الشاميُّ ” بشارِبِهِ … يغفو و يفيق ُ بغير خيار
سلبوه ُ جميع َ محارِمِهِ … عجبا ً للشارب ِ ليس يغار
وشيوخٌ مِلْؤ عباءتها … ذهبا ً بالدرهم و الدينـــــار
ذهب ٌ أبيض ، ذهب ٌ أسود … كُل ٌ ذهب لجيب ِ التُجَّار
بجوارك أُسْدٌ من ” مصر َ ” … تزأرُ في الحانة ليل نهار
حتى إن سكِرت غنَّتنا … أنشودة ( ثــــوارٌ .. ثــُــوار )
ونساء ُ المغرب لو جئنَّ … أنعِم بفرنسا ، خير جوار
تُسقيهِم شهد ّ حضارتِها … حلوى بالحلق ِ، تروقُ صِغار
****
( المشهد الأخير )
**
ماهذا الصوت ؟
لم أسمع – من قبل الليلة ِ- صوتا ً للموت !
**
قالت : ويحُك ! تلك ” الدَّانة ” .. قد سقطت من سقف الحانة
الموت ُ ما عاد يُفزِّعُنا .. نسمَعُهُ غِناءَ و ألحان َ
الموت ُ لدينا ؛ ألمُ مخاض .. حتما ً بشهيد ٍ قد جانا
والدَّم ُ على أكفان بياض … يسري كالخمرة بدمانا
ورخيصا ً باع العُمر َوعاد … يسْكرُ بقصائدَ رنَّانة
**
والحانة ُ عجَّت بالتصفيق و بالتهليل .. بطعم بكاء ٍو إهانة
وصاح الجمع ُ : ” لنا أمجـاد ” .. خالوا أنفُسَهُم فُرسانا
والكون ُ ملئٌ بالضحكات .. و يَرِقُ لحال ٍ فَرَثـانا
**
مابين الدورِ بأرض معاد .. وبيوتٍ ،كمخيم ِ” قانا ”
حانتـُـنا؛ ليست كالّـحانات .. وسكِرنا ، والوهمُ سقانا
******
طارق شعبان أبو النجا
2/12/2014
**