ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : عياش ..وعاشقة الناي . مسابقة القصة القصيرة .. بقلم / سيد علي تمار ..الجزائر

للمسابقة عنوان القصة :

عيَّاش … وعاشقة النَّاي !

من لدُن المعاناة والتهميش و اللامبالاة ، تُطِلُّ على تلٍّ مرتفع قليلا قرية ، ساكنتها أناس طيبون ذووا أخلاق كريمة و طباعٍ أصيلةٍ … يستيقظ الشاب ” عيَّاش” الذي ملأت أخاديد الزمن والفقر وجهه البشوش لتحكي صراع الحياة الأبدي ، وهنا كان لزاما عليه أن يأخذ في الحسبان ضرورة التكفل بأمه المُقعدةِ بسبب المرض وأيضا ليرعى الغنم صباحا ويعود بها مساء قبل أن يتوارى الشفق !
يتأهب ” عياش” لروتينه اليومي وكُلُّهُ أمل في غدٍ مُشرِقٍ …
تنادي عليه أمه بصوت مهموس _ وقد بلغ التعب منها مبلغا_ ليُسارع إليها ويقبِّلَها على جبينها ، وهنا حذرته على غير العادة من الذهاب إلى ” بئر النَّكد” كما يُطلق عليها أهالي القرية وخصوصا بعد المغيب لملء الماء من هناك وخاصة أن هذا اليوم هو يوم اقتران القمر مع الشمس حسب عاداتهم الموغِلةِ في القِدَمِ!

يُودِّعُ عياش أمه ويأخذ غنمه و مِزمارهُ ليعزف به طول الطريق و يُسلي به نفسَهُ كما جرت العادة ..

مرت اللحظات تترى وبعدها الساعات وقد غطَّ عياش في نوم عميق بعد يوم شاقٍّ ، وما هي إلا سويعات حتى لفح عياش حَرٌّ على غير العادة , فاستيقظ من نومه و قد عادت الأغنام إلى اصطبلها لوحدها و لكنه لم يملأ دلو الماء في حينه …وهنا استذكر ما قالته والدته له ، ولكنه لم يعبأ بكلامها و ذهب إلى البئر النَّكِدة وقد أخذ مزماره ليتسلى بأصواته التي تأخذ بعقله إلى أيام الصبى !

وصل إلى البئر وهنا وقف قليلا ، وتأوَّه وأخذ نفسا عميقا ثم قال وقد نظر إلى الشمس وهي تتوارى في الأفق : ” أرجو أن لا يكون الأمر قد فات ” ، يربط دلوه بالحبل ومن ثَمَّ ينزِلُهُ و قد بدأ يعزف بمزمارهِ _ أو كما يُسميه الأهالي النَّايْ_ بأصوات شجية مطربة ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان ! أحس الشاب عياش بقشعريرة وبرودة في أطرافه وخفقان شديد في قلبه ، و فجأة سمع صوتا من قاع البئر : ” هلُمَّ يا صاحب الصوت الشجي ! ، هلُّم يا جميل لكي تخرجني مما أنا فيه من هم و غم! …” يرفع عياش نفسه على حافة البئر وقد أخذ الشوق منه مأخذا لكي يرى فتاة أحلامه الضائعة ولكن ، ما إن اكتمل وقوفه على حافة البئر حتى انزلق إلى القاع وهو يصرخ :” النجدة النجدة …” اكتمل مغيب الشمس وقد أسدل الليل سدوله على المنطقة النائية ، والرعب صفة لازمة لعياش و إذ به يسمع كلاما وهمهمات : ” ابقى هنا ..أطربني بصوتك …لا تخف فأنا قرينتُكَ يا عياش!” صاح عياش بأعلى صوته وقد ضَجَّ المكان ضجة : ” ما ذا تريدين ؟! من أنتِ ؟! لماذا أنا ؟! ” حينئذ يأتي سواد غريب ، وقد ألبس عياش وشاحا أبيضا و و هو يقول : ” نم قرير العين يا صاحب الصوت الشجي ، فإن لك يوما لن تُخلفهُ!” وفجأة يشعر عياش باهتزاز في بدنه وأحد الرعاة يقول له : ” استيقظ يا أيها الشاب مالك تصرخ وتبكي !! ” يفتح عياش عينيه وقد حل المغيب والراعي الشيخ يمسح على رأسه ويقرأ تعاويذ ثم يقول له : ” وكأني بك قد حلُمتَ بمكروه”! ثم يجيبه عياش :” لقد رأيتها …لقد أخبرتني …إنها هنا …إنها حارسةُ الجُبِّ وعاشقة الناي!…”

بقلم الأستاذ : سيد علي تمار

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى