ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : كانت آنذاك طفلة كهلة . مسابقة القصة القصيرة بقلم / حنان النشمي . العراق

كانت آنذاك طفلة كهلة

 

حنان نشمي عبد هايت
حنان النشمي . العراق
9647601175755+

ككل الصباحات الرماديـة التي تثقب أرواحنا وتمر من خلالنا سوى رضينا بذلك أم لا .. وحتى الصباحات المشمسة بذات العادة السيئة تلك !! فهي لا تستأذن .. تتناوب فيما بينها وأعقاب الليال الثقيلة الجاثمة فوق صدري ، أهرب نحو الحديقة وأجالس ظلي مفهرس طولـهِ على مقعدٍ اعتاد الكثيرون رؤيتي وأنا أجلس وحيدة وحولي الغبار لديه محاولات في إعلان انتصاره بعد غزوي ويستوطن وحدتي وأنا أقاوم لكيلا أعثرهنا وهذه الكاتبة تحاول أن تسرد قلقي الكهل وتبعثر وحشتي التي احنى ظهرها الزمن ففي محاولة مني جعلتُ أناملها تتبع خطواتي نحو تلك الحديقة وذاك المقعد بالتحديد وهي تتبعني بخفةٍ بحواف القلم ..

ها قد وصلنا راقبي فقط شيئًا واسرديه كيفما تشائين ! فأرى تلك الكهلة

وتدحرج كرة صغيرة نحو قدمها اخذتها بيدها ورفعت رأسها إلى طفلةٍ صغيرة قد رأتها هي وأنا كذلك لكن أين ؟ فلا أدري !

وملامحها تطرق عقلي والصدى يحاول إيقاظي لعله اتذكرها .. أين قد رأيتها ؟

فتذكرت قد شاهدتها في صورةٍ وسط ألبوم العائلة ولكن لا اعلم تلك الكهلة هل عرفت أين رأت الطفلة ؟

ثم سعلت بسعالٍ مبحوح وصدر منخور من التعب قائلة :

_ الوقت يغتصبني والكاتبة تحاول تخليصي إلا أنني قد لمحتُ لها بأن أن لا تتدخل عليها فقط أن تشبع فضولها وتكتفي بالمشاهدة .

رحت أتتبع الطفلة واتفرس خطواتها فوق الحشائش المتأنقة وحنجرة الهواء ذات الوقار وهو يردد التسابيح ويقرأ الحوقلة .. هرع الملل صوبي ولكن تسمرت في هذه اللحظة وأنا أرى تلك الطفلة تخط فوق شجرة ذكرى وتأريخ يعود إلى 2002 ؟؟

للحظة أخذت اطالع شاشة هاتفي للتأكد من العام الذي أنا فيه حيث 2021 !!

لطم بي أحدهم فهرولت خلفه اسأل أي عام نحن ؟ حيث أجابني :

_ ما بكِ ياابنتي هل تتعاطين شيءً ؟

بعد أن شاهد تلّون وجهي احمرارًا فأصفرارًا وسكوني في عدم الرد .. خجل من ردهِ فعاد ليقول ( في العام 2021 من شهر ايلول التاسع منه تحديدا )

استدرت فورًا وعدت إلى قراءة ماذا كتبت وأي ذكرى دونت ؟

( ذكرى ملعونة وملوثة بالتفاصيل ) ثم أسفلها عام 2002 .

أعلم أن الكاتبة قد عرفت هذه الجملة وهذه المرة أنا من يتحكم فيها .. لمرة واحد تمردت وجعلت الكاتبة وسط السطور وأنا من يسردها … ثم عادت تعتذر عن كل الكُتاب الذين يتلاعبون بنا فوق أسطح الورق داخل قصصهم دون أخذ الإذن بذلك . . قد راق لي تصرفها

وعدنا نجلس فوق المقعد ذاته فجاءت الطفلة ولضيق المقعد أجلستها فوق فخذي واخذت الكاتبة تشهق خارطة وجهي في محاولات عديدة وأنا أحاول الهروب حتى لا أكون لعبة بين يديها في قصةٍ اخرى .. والطفلة ترنو وتتحرك كثيرًا تحاول أن تغير مكانها نحو حضنها

فقلت متأففة : نرجس

اخذت الكاتبة تقول أنه اسمي كذلك .. حاولت تغيير الأمر حتى لا تكشفني فحاولت المزاح لكن دون جدوى فالطفلة والكاتبة وصوتي جميعهم ينطق بذات النبرة ( نعم ) ، كالذي مسكون ويسكن روحها مس أخذتني آلـة كبيرة تمتصني وتشهقني أسرع من الزمن ومعي الطفلة وتلك العجوز وملامحهما تكبر وتصغر حتى تبدى كل جسدي وهما غرقتا بي فأغمض عيني لاجدني كلمح البصر وحدي فوق المقعد .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى