ط
مسابقة القصة القصيرة

همس الماضى . مسابقة القصة القصيرة بقلم / وفاء برانى من الجزائر


همس الماضي
في غياهب زمن أسود، ووسط أصوات تُشبه البلبلة، وبين أنين أرواح بريئة تُزهق بلا سبب، وفي عالَم تَعفن بأنفاس خوف عالية، جاء صوتك متسللا عبر الهاتف، وصلت نبراتك يكتنفها الحذر، داعبت سمعي، ومسحت القليل من رماد الخوف على قلبي فبسذاجة طفل وعفوية براءة استرسلت في حديثك، فرُحتَ تخيرني بين اسمين، وإن كنت تُفضل سماع الاسم الذي تجد فيه بين شفتي أمك متعتك وراحة بالك، فهي عند ما تَذكُره تتلذذه أنت شهدا شافٍ لكل المتاعب، حين تنطقه تغمرك بالحب والحنان.. أنساني كلامك أيامنا الدامية التي اغبرت فيها أحلامنا بالدخان، وانشرح صدري المنقبض، وأنت تصف وقفتك البريئة على خشبة المسرح، أخالها لحظات سعيدة، شعرت فيها بالكبرياء والعظمة تحت تصفيقات الجمهور، ها هي الأيام تمر والوضع يزداد سوءا وغشاوة لَم يُفصل بين الصواب والخطأ، والحق والباطل بعد، فكل يغرد خارج السرب، بل حتى الأطيار لَم تعد تترافق أسرابا في العودة إلى أوكارها مع غسق الدجى،كنا سنعيش أجمل قصة حب لولا انقلاب الموازين، فساد ظلام الليل الأرض، وغاب النهار فهو يغمض عينيه بعد فترة قصيرة من الظهور أحيانا، يُجرح الأمن والأمان ويقرر حظر التجوال لا ننكر لَم يعد الأمن مستتبا ولَم نعد نثق بأحد، ونعتقد الجميع سيوفا تقطع الرقاب، وخناجر تذبح، وأغلبهم رصاص يخترق الأجساد، تتسارع الأيام لفك حصار الخوف ولا استقرار.. لا أدري، ماذا حدث؟ كنت تخبرني بأن دعائي لك، ولكل أترابك، لا يختلف عن دعاء أمك، أخبروني اليوم، أنك كنت تجلس إلى طاولة بالمقهى رفقة بعض الأصحاب، أسألك والدمع في عيني:لماذا أنت هكذا؟ وثقت في أمن أمضى اتفاقية انسحاب من هذه الأرض، وخلال حقبة حالكة السواد لَم تكن الرصاصة عابرة أو طائشة، كنت الهدف المقصود يا رجل الأمن أنت، نجحت تسديدتهم وكانت رصاصتان كفيلتين بقتلك، وسقوطك جثة هامدة، تسبح في دمها، سكنت مع الكثير من أبناء هذا الوطن تحت التراب، لكن بقيت أنتظر رنين الهاتف، متى تهتف لي لأهنئك بانجلاء الليل، وانقشاع الضباب وشروق الشمس الذي مسح سواد العشرية، أعدمت العشرية السوداء، ولونت سنين الوطن بالأبيض والأمن والسلام.. جالت كل هذه الأحداث بخاطري حين همس الماضي بذكريات استلها من بين تجاعيد زمنه
. وفاء براني (لويزة براني ) الجزائر

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى